هل صام النبي التسع الأول من ذي الحجة؟

خالد عبد المنعم الرفاعي

.. وهما حديثان ظاهرهما التعارض، ومن ثمّ رجح بعض أهل العلم حديث عائشة؛ لأنه أصح سندًا، ورجح البعض حديث إثبات الصيام؛ لأن فيه زيادة علم، وذهب الإمام أحمد إلى تصحيح الحديثين، وإن المثبت مقدم على النافي.

  • التصنيفات: الحديث وعلومه - الحث على الطاعات -
السؤال:

هل صام النبي التسع الاول من ذي الحجة؟

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ عَلَى رسولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فالذي يظهر من السنة المشرفة أن صيام التسع من ذي الحجة مشروع بالنص العام والخاص، ففي سنن أبي داود (2/ 325) عن بعض، أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر، أول اثنين من الشهر والخميس"؛ والحديث صححه الألباني في "صحيح أبي داود".

غير أنه معارض بما في الصحيح عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قالت: "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائمًا في العشر قط"

وهما حديثان ظاهرهما التعارض، ومن ثمّ رجح بعض أهل العلم حديث عائشة؛ لأنه أصح سندًا، ورجح البعض حديث إثبات الصيام؛ لأن فيه زيادة علم، وذهب الإمام أحمد إلى تصحيح الحديثين، وإن المثبت مقدم على النافي، قال الإمام ابن القيم في "زاد المعاد"(2/ 63): "... والمثبت مقدم على النافي إن صح".

وقال في "نيل الأوطار" (4/ 283) - شارحًا لحديث أبي داود المثبت لصوم النبي العشر من ذي الحجة -:

"وقد تقدم في كتاب العيدين أحاديث تدل على فضيلة العمل في عشر ذي الحجة على العموم، والصوم مندرج تحتها، وأما ما أخرجه مسلم عن عائشة أنها قالت: " ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صائمًا في العشر قط "، وفي رواية: "لم يصم العشر قط"، فقال العلماء: المراد أنه لم يصمها لعارض مرض أو سفر أو غيرهما، أو أن عدم رؤيتها له صائمًا لا يستلزم العدم، على أنه قد ثبت من قوله ما يدل على مشروعية صومها كما في حديث الباب، فلا يقدح في ذلك عدم الفعل". اهـ.

هذا؛ وقد دلّ على مشروعية صوم التسع الحديث العام: "ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه العشر"، والصوم من العمل الصالح، فيدخل في عموم الحديث،، والله أعلم.