حكم من خرجت إلى الحج فتوفي زوجها
خالد عبد المنعم الرفاعي
السلام عليكم ذهبت امرأة الى الحج مع رفقة مؤتمنة وتركت زوجها مريضا ثم مات وهي في مكة فهل تقطع حجها وترجع الى بلدها لتعتد عدة الوفاة أم تتم حجها وهل تبدأ عدتها من يوم وفاة زوجها أم من يوم وصول خبر وفاة زوجها.
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فالمرأة إذا خرجت إلى الحج ووصلت إلى مكة المكرمة، ثم توفي عنها زوجها، فإنها تحد عليه من ساعة وصول الخبر، ويجب عليها أن تكمل مناسكها، ولا يؤثر موت زوجها على حجها في قول الأئمة الأربعة وأكثر أهل العلم، وإنما اختلف الأئمة المتبعين إذا مات وهي قريبة من بلدها.
قال الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (18/ 172-173):
"... وإن خرجت فمات زوجها في الطريق رجعت ان كانت لم تفارق البنيان، فإن فارقت البنيان فهي بالخيار بين الرجوع والتمام لأنها صارت في موضع أذن لها فيه وهو السفر، فأشبه ما لو كانت قد بعدت.
وقال أحمد وأصحابه: يجب عليها أن ترجع إن كانت قريبة لأنها في حكم الإقامة، وان تباعدت مضت.
ووجه هذا القول ماروى سعيد بن منصور عن سعيد بن المسيب قال: توفى أزواج نساؤهن حاجات أو معتمرات فردهن عمر من ذي الحليفة.
وإن مات زوجها بعد احرامها بحج الفرض، أو بحج أذن لها فيه زوجها نظرت - فإن كان وقت الحج متسعًا، لا تخاف فوته ولا فوت الرفقة، لزمها الاعتداد في منزلها؛ لأنه أمكن الجمع بين الحقين فلم يجز اسقاط أحدهما.
وان خشيت فوات الحج لزمها المضي فيه، وبهذا قال أحمد.
قال: دليلنا أنهما عبادتان استويا في الوجوب وضيق الوقت فوجب تقديم الاسبق منهما، كما لو كانت العدة أسبق، ولأن الحج آكد لأنه أحد أركان الإسلام، والمشقة بتفويته تعظم، فوجب تقديمه كما لو مات زوجها بعد أن بعد سفرها إليه". اهـ. مختصرًا.
وقال الإمام ابن قدامة في "المغني" (8/ 167):
"إن خرجت، فمات زوجها في الطريق، رجعت إن كانت قريبة؛ لأنها في حكم الإقامة، وإن تباعدت، مضت في سفرها.
وقال مالك: ترد ما لم تحرم، والصحيح أن البعيدة لا ترد؛ لأنه يضر بها، وعليها مشقة، ولا لها من سفر وإن رجعت.
قال القاضي: ينبغي أن يحد القريب بما لا تقصر فيه الصلاة، والبعيد ما تقصر فيه؛ لأن ما لا تقصر الصلاة فيه أحكامه أحكام الحضر. وهذا قول أبي حنيفة، إلا أنه لا يرى القصر إلا في مسيرة ثلاثة أيام.
وقال الشافعي: إن فارقت البنيان، فلها الخيار بين الرجوع والتمام؛ لأنها صارت في موضع أذن لها زوجها فيه، وهو السفر، فأشبه ما لو كانت قد بعدت". اهـ. موضع الشاهد منه مختصرًا.
إذا تقرر هذا، فيجب على تلك المرأة المضي في حجها، ويجب عليها الإحداد على زوجها أيام السفر، ثم تكمله بعد العودة،، والله أعلم.