المعاريض لا تجوز إلا عند الحاجة الشرعية أو المصلحة الراجحة

خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال:

حدثت صديقي أني فعلت شي مثل الانجاز ولم أفعله وحلفت بالله ولكن نيتي كانت غير ماحدثته به ثم اعترفت له اني لم أفعل شيء ماحكمه

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ:عنوان الرسالة:
فالذي يظهر أن إيهامك لصديقك لشيء وإرادتك غيره هو من التعريض، وليس الكذب الصريح، غير أن المسلم  يلجأ إلى التعريض إذا دعته الحاجة، ففي المعاريض سعة ومندوحة عن الكذب، وهو أن يقول القائل كلامًا يحتمل معنيين يظهر منهما معنىً يتوهمه السامع، ولكن القائل يريد المعنى الآخر، غير أنه لما كانت المعاريض تسمى كذبًا في اللغة والشريعة، تعين أن تستعمل عند المصلحة الراجحة أو الحاجة الشديدة؛ من جلب نفع، أو دفع ضر.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (28/ 223):
 
"تباح عند الحاجة الشرعية "المعاريضُ"، وقد تسمى كذبًا؛ لأن الكلام يَعْنِي به المتكلم معنىً، وذلك المعنى يريد أن يُفْهِمَهُ المخاطبَ، فإذا لم يكن على ما يعنيه، فهو الكذب المحض، وإن كان على ما يعنيه، ولكن ليس على ما يَفْهَمُهُ المخاطبُ، فهذه المعاريض، وهي كذب باعتبار الأفهام، وإن لم تكن كذبًا باعتبار الغاية السائغة، ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم –: ((لم يكذبْ إبراهيم إلا ثلاثَ كذبات، كلهن في ذات الله: قوله لسارة: أختي، وقوله: بل فعله كبيرهم هذا، وقوله: إني سقيم، وهذه الثلاثة معاريض؛ وبها احتج العلماء على جواز التعريض للمظلوم، وهو أن يعني بكلامه ما يحتمله اللفظ، وإن لم يَفْهَمْهُ المخاطبُ".

قال الإِمام النَّوَوي - في "الأذْكَار" (1 / 482) -:

"واعلم أن التوريةَ والتعريضَ معناهما: أن تُطلقَ لفظًا هو ظاهرٌ في معنىً، وتريدُ به معنىً آخر يتناوله ذلك اللفظ، لكنه خلافُ ظاهره، وهذا ضربٌ من التغرير والخداع، قال العلماء: فإن دعتْ إلى ذلك مصلحةٌ شرعيةٌ راجحةٌ على خداعِ المخاطب، أو حاجة لا مندوحةَ عنها إلا بالكذب، فلا بأس بالتعريض، وإن لم يكن شيءٌ من ذلك، فهو مكروهٌ وليس بحرام، إلا أن يُتوصَّل به إلى أخذ باطل، أو دفع حقٍّ، فيصيرُ - حينئذ - حرامًا، هذا ضابطُ الباب". اهـ.

وعليه، فإن لم يترتب على ما قلت أخذ غير حقك، فيكره لك ما فعلت فقط، ولا تعد لمثلها إلا إذا دعت الحاجة أو المصلحة،، والله أعلم.

.