هل الحب حرام؟

خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال:

هل الحب حرام؟

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن الحب المتعارف عليه عند الخلق جنس يندرج تحته أنواع كثيرة، منه المباح والمكروه والمحرم بل والحب الشركي، كمن يقدم رضى المحبوب على رضى الله تعالى، ومنه الجبلي الفطري كحب الأبناء.

 أما الحب بين الجنسين، فالمباح منه ما لم يترتب عليه أمور محرمة، فمن وقع في قلبه حب فتاة، وتعلق بها قلبه، فإن اتقى المحب ربه وغض بصره، ولم يسع إلى محرم، كخلوة ومجالسة ومحادثة، أو إلى انشغال عن الواجبات-: فهذ لم يخرج عن دائرة المباح حتى يجد سبيلا إلى الزواج بها، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "لم ير للمتاحبين مثل النكاح"؛ رواه ابن ماجه، فإن تعذر عليه الزواج، استعان بالله تعالى في صرف قلبه عنها، واستعمل أدوية الشرع في مداواة قلبه؛ حتى لا يقع فيما يغضب الله تعالى.
أما الحب المحرم كمن يحب امرأة لا تحل له أو لا يمكنه الزواج منها، كحب امرأة متزوجة، أو يستحيل أن يتزوجها للفوارق الاجتماعية والمادية، أو من أحب امرأة تساهل في النظر إليها، والخلوة بها والحديث معها، أو غير ذلك من أسباب الفتنة، حتى ولو بغرض الزواج؛ فالحب في تلك الحال محرم تحريم الوسائل وليس تحريم المقاصد؛ لأنه حينئذ سببًا في معصية الله وتعدي حدوده.
فالنظر المحرم، والخلوة المحرمة، والمواعدة الآثمة لا تبيحها نية الزواج، فليس في الإسلام ما يعرف بالحب والتعارف والصداقة بين الجنسين إلا في ظل زواج صحيح، ولا يباح قبل الزواج إلا بقصد الزواج وبشرط عدم تعدي حدود الله تعالى.

هذا؛ ومن نظر في السنة المشرفة لوقف على صور راقية من حب النبي صلى الله عليه وسلم، لأم المؤمنين خديجة رضي الله عنها، ووفاؤها لحبها بعد وفاتها، وكذلك حبه لأم المؤمنين الصديقة عائشة رضي الله عنها، فهذا بلا شك هو الحب الحقيقي.

وعلى النقيض يرى الحب الحب المحرم؛ كعشق المشركين، كما حكاه الله تعالى في القرآن عن امرأة العزيز، وكانت مشركة على دين زوجها. وكانوا مشركين، وحكاه عن اللوطية، وكانوا مشركين، فقال تعالى فى قصتهم: {لَعَمْرُكَ إنهُمْ لَفِى سَكْرَتِهِمْ يَعمَهُونَ} [الحجر: 72] ، {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [يوسف: 30] ، أى وصل حبه إلى شغاف قلبها، واستولى عليه، بحيث يحجبه عن غيره حتى لا تعقل سواه.

ثم ذكر سبحانه أنه يصرف مثل هذا الحب عن أهل الإخلاص، فقال: {كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنّهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنّهُ مِنْ عِبَادِنَا المُخْلَصِينَ} [يوسف: 24].

وهذا اللون المحرم تجده بكثرة في كتب الشعر والأدب، من قصص المحبين، ولمزيد فائدة يراجع كتاب الداء والدواء لابن القيم، وطوق الحمامة لابن حزم، والله أعلم.
  

،، والله أعلم.