هل من قال لفتاة أجنبية أنت مثل أختي يكون مظاهرًا؟
خالد عبد المنعم الرفاعي
فإن كان السائل يقصد بقوله للمرأة الأجنبية أنتِ أختي الظهار منها، فالأحوط أنه يكفر كفارة ظهار إن تزوجها، وقبل أن يطأها. وإن لم يقصد الظهار وإنما أراد أنها أخته في الله أو نحو هذا مما يريده الناس في مخاطباتهم للنساء الأجانب، فلا شيء عليه.
- التصنيفات: قضايا الزواج والعلاقات الأسرية -
انا شاب عمري 26 عام . احببت فتاة وكنت اقول لها انتِ مثل اختي . ولكن انا اريد التقدم لها . هل علي اثم اني كنت اقول لها انتِ مثل اختي والان اريد التقدم لها؟
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فإن العبرة في الأقوال والأفعال بالمعاني والمقاصد، فليس كل من قال لامرأة أجنبية أنت مثل أختي يكون مظاهرًا منها، حتى يقصد بما قاله الظهار منها، فإن لم يقصد ظهارًا أو لم يجل بخاطره ظهارًا، فلا كفارة عليه إن تزوجها، وليس مظاهرًا منها.
وقد اختلف العلماء في الظهار من الأجنبية؛ قال الإمام ابن قدامة في "المغني"(8/ 17):
"وإذا قال لامرأة أجنبية: أنت علي كظهر أمي. لم يطأها إن تزوجها حتى يأتي بالكفارة".
وجملته، أن الظهار من الأجنبية يصح، سواء قال ذلك لامرأة بعينها، أو قال: كل النساء علي كظهر أمي. وسواء أوقعه مطلقًا، أو علقه على التزويج، فقال: كل امرأة أتزوجها، فهي علي كظهر أمي.
ومتى تزوج التي ظاهر منها، لم يطأها حتى يكفر؛ يروى نحو هذا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وبه قال سعيد بن المسيب، وعروة، وعطاء، والحسن، ومالك، وإسحاق.
ويحتمل أن لا يثبت حكم الظهار قبل التزويج، وهو قول الثوري، وأبي حنيفة، والشافعي، ويروى ذلك عن ابن عباس؛ لقول الله تعالى: {يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: 3]، والأجنبية ليست من نسائه؛ ولأن الظهار يمين ورد الشرع بحكمها مقيدًا بنسائه، فلم يثبت حكمها في الأجنبية، كالإيلاء؛ فإن الله تعالى قال: {يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: 3] . كما قال: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: 226]؛ ولأنها ليست بزوجة، فلم يصح الظهار منها، كأمته، ولأنه حرم محرمة، فلم يلزمه شيء، كما لو قال: أنت حرام، ولأنه نوع تحريم، فلم يتقدم النكاح، كالطلاق.
ولنا ما روى الإمام أحمد بإسناده عن عمر بن الخطاب، أنه قال في رجل قال: إن تزوجت فلانة، فهي علي كظهر أمي، فتزوجها، قال: "عليه كفارة الظهار"، ولأنها يمين مكفرة، فصح انعقادها قبل النكاح، كاليمين بالله تعالى.
أما الآية، فإن التخصيص خرج مخرج الغالب؛ فإن الغالب أن الإنسان إنما يظاهر من نسائه، فلا يوجب تخصيص الحكم بهن، كما أن تخصيص الربيبة التي في حجره بالذكر، لم يوجب اختصاصها بالتحريم، وأما الإيلاء، فإنما اختص حكمه بنسائه؛ لكونه يقصد الإضرار بهن دون غيرهن، والكفارة وجبت هاهنا لقول المنكر والزور، ولا يختص ذلك بنسائه، ويفارق الظهار الطلاق من وجهين: أحدهما، أن الطلاق حل قيد النكاح، ولا يمكن حله قبل عقده، والظهار تحريم للوطء، فيجوز تقديمه على العقد كالحيض.
الثاني، أن الطلاق يرفع العقد، فلم يجز أن يسبقه، وهذا لا يرفعه، وإنما تتعلق الإباحة على شرط، فجاز تقدمه". اهـ.
إذا تقرر هذا؛ فإن كان السائل يقصد بقوله للمرأة الأجنبية أنتِ أختي الظهار منها، فالأحوط أنه يكفر كفارة ظهار إن تزوجها، وقبل أن يطأها.
وإن لم يقصد الظهار وإنما أراد أنها أخته في الله أو نحو هذا مما يريده الناس في مخاطباتهم للنساء الأجانب، فلا شيء عليه،، والله أعلم.