حكم حمل الرجل لامرأة مصابة في حادث
خالد عبد المنعم الرفاعي
فلا يأثم من حمل فتاة بعد إصابتها أو إعاقتها، إن لم يوجد طريقة غيرها لإنقاذها أو مساعدتها.
- التصنيفات: أحكام النساء -
السلام عليكم : هل يأثم الشاب إذا قام بحمل فتاة لمساعدتها إثر إصابة أو إعاقة ؟
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فلا شك أن الشريعة الإسلامية حرمت على الرجل ملامسة المرأة الأجنبية، ومن فعل هذا فهو متوعد بالعقوبة؛ ففي المعجم الكبير للطبراني وصححه الألباني عن معقل بن يسار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن يُطْعَن أحدُكم بِمخيَط مِن حَديدٍ خيرٌ له مِن أن يَمَسَّ امرأةً لا تَحِلُّ له"
غير أنه إذ دعت الضرورة أو الحاجة الشديدة إلى أن يباشر الرجل المرأة الأجنبية ويمسها فلا بأس بهذا؛ لأن الضرورات تبيح المحظورات، والضرورة تقدر بقدرها، وهذه من قواعد الشرع الحكيم، والمتأمل في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يتردد في الحكم بالجواز في تلك الحال؛ ففي صحيح البخاري عن الربيع بنت معوذ، قالت: «كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم نسقي ونداوي الجرحى، ونرد القتلى إلى المدينة».
وروى مسلم وأبو داود وغيرهما عن أنس رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بأم سليم ونسوة من الأنصار فيسقين الماء ويداوين الجرحى. فالحديث نصّ في استصحاب النساء لمصلحة المرضى والجرحى لا يكون شيء من هذا بغير مسّ في الغالب.
قال الإمام الشوكاني في نيل الأوطار (7/ 282):
"قوله: (وأداوي الجرحى) فيه دليل على أنه يجوز للمرأة الأجنبية معالجة الرجل الأجنبي للضرورة. قال ابن بطال: ويختص اتفاقهم ذلك بذوات المحارم، وإن دعت الضرورة فليكن بغير مباشرة ولا مس، ويدل على ذلك اتفاقهم على أن المرأة إذا ماتت ولم توجد امرأة تغسلها أن الرجل لا يباشر غسلها بالمس... قال ابن المنير: الفرق بين حال المداواة وغسل الميت أن الغسل عبادة والمداواة ضرورة، والضرورات تبيح المحظورات". اهـ.
وقال ولي الدين العراقي في طرح التثريب في شرح التقريب (7/ 45)
"وقد قال الفقهاء من أصحابنا وغيرهم: إنه يحرم مس الأجنبية ولو في غير عورتها كالوجه، وإن اختلفوا في جواز النظر حيث لا شهوة ولا خوف فتنة، فتحريم المس آكد من تحريم النظر، ومحل التحريم ما إذا لم تدع لذلك ضرورة فإن كان ضرورة كتطبيب وفصد وحجامة وقلع ضرس وكحل عين ونحوها، مما لا يوجد امرأة تفعله جاز للرجل الأجنبي فعله للضرورة".
إذا تقرر هذا؛ فلا يأثم من حمل فتاة بعد إصابتها أو إعاقتها، إن لم يوجد طريقة غيرها لإنقاذها أو مساعدتها،، والله أعلم.