هل يشترط العلم بالطلقة الأولى حتى تقع الطلقة الثانية؟

خالد عبد المنعم الرفاعي

فلا يشترط العلم بالطلقة الأولى لتصح الطلقة الثانية

  • التصنيفات: أحكام الطلاق -
السؤال:

لم اكن اعلم بوقوع طلقه وبعدها باسبوع غضبت لموقف اخر وقلت لها انتى طالق وعند تذكرى الايمان السابقه لاقف على وضعى وضبط نفسي صدمت بان اليمين السابق له باسبوع قد وقع فهل يشترط علمى بالطلقه الاولى كى تصح الطلقه الثانيه لاننى فقت على خراب بيتى وحزين جدا

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فإن كان الحال كما ذكر الأخ السائل أنه تلفظ بطلاق زوجته مختارًا ومدركًا لتصرفاته: فإنه يلزمه ما نطق به من الطلاق، وأما كونه لم يكن يعلم وقوع طلقة سابقة ساعة النطق بالطلاق، فلا يمنع من وقوع الطلاق، لا سيما والإشهاد على الطلاق غير مأمور به، فمن تلفظ بالطلاق، وقع طلاقه، ولو كان في غيبة الزوجة، أو كان لا يحضره أحد من الناس، وقد نقل غير واحد من أهل العلم الإجماع على أن الطلاق يقع وإن لم يحصل الإشهاد عليه، فالإشهاد إنما يكون على الرجعة.

وقد أمر الشارع الحكيم بالإشهاد على الرجعة؛ لئلا يحصل نزاع بين الزوجين، وقد قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}، فالإشهاد على الرجعة قاطعًا للشك في حصولها، ودفعًا للتهمة عند العودة إلى مباشرة الزوجة، وخوفًا من إنكار الزوجة لها بعد انقضاء عدتها.

الفتاوى الكبرى لابن تيمية (3/ 296):
"فأمر بالإشهاد على الرجعة؛ والإشهاد عليها مأمور به باتفاق الأمة، قيل: أمر إيجاب. وقيل: أمر استحباب. وقد ظن بعض الناس: أن الإشهاد هو الطلاق، وظن أن الطلاق الذي لا يشهد عليه لا يقع، وهذا خلاف الإجماع، وخلاف الكتاب والسنة، ولم يقل أحد من العلماء المشهورين به؛ فإن الطلاق أذن فيه أولاً، ولم يأمر فيه بالإشهاد، وإنما أمر بالإشهاد حين قال: {فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] .
والمراد هنا بالمفارقة: تخلية سبيلها إذا قضت العدة، وهذا ليس بطلاق ولا برجعة ولا نكاح. والإشهاد في هذا باتفاق المسلمين، فعلم أن الإشهاد إنما هو على الرجعة.
ومن حكمة ذلك: أنه قد يطلقها ويرتجعها، فيزين له الشيطان كتمان ذلك حتى يطلقها بعد ذلك طلاقًا محرمًا ولا يدري أحد، فتكون معه حرامًا، فأمر الله أن يشهد على الرجعة ليظهر أنه قد وقعت به طلقة، كما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجد اللقطة أن يشهد عليها؛ لئلا يزين الشيطان كتمان اللقطة؛ وهذا بخلاف الطلاق، فإنه إذا طلقها ولم يراجعها بل خلى سبيلها فإنه يظهر للناس أنها ليست امرأته؛ بل هي مطلقة؛ بخلاف ما إذا بقيت زوجة عنده فإنه لا يدري الناس أطلقها أم لم يطلقها". اهـ.

إذا تقرر هذا؛ فلا يشترط العلم بالطلقة الأولى لتصح الطلقة الثانية،، والله أعلم.