الطلاق أثناء العدة

خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال:

السلام عليكم انا متزوج من سنه لقد طلقت زوجتى طلقه اولى وهي حامل اثناء كلامى مع والدتى فى الهاتف ولم ابلغ زوجتى وهى حامل وقد نسيت هذه الطلقه وبعد ذلك باسبوع طلقتها طلقه ثانيه حصل بينهما جماع بدون نيه ارجاع وبدون تلفظ بالارجاع لانى كنت قد نسيت هذا الطلاق الاول الفرق بين الطلقتين اسبوع واحد فهل ذلك يعد طلقه واحده ام لا

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فإن كان الحال كما ذكرت أنك طلقت زوجتك الطلقة الثانية وهي لازالت في العدة، فإن هذه الطلقة لا تقع ولا يقع عليها غير الطلاق الأول؛ لقوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق /1]، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا، فهو رد"؛ متفق عليه.

 وهذا ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم في بحوث مفصلة ومحررة.

قال في مجموع الفتاوى (33/ 79):
"وقوله: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق /1]،  يدل على أنه لا يجوز إرداف الطلاق للطلاق حتى تنقضي العدة أو يراجعها؛ لأنه إنما أباح الطلاق للعدة، أي لاستقبال العدة فمتى طلقها الثانية والثالثة قبل الرجعة، بنت على العدة ولم تستأنفها باتفاق جماهير المسلمين، فإن كان فيه خلاف شاذ عن خلاس وابن حزم فقد بينا فساده في موضع آخر؛ فإن هذا قول ضعيف؛ لأنهم كانوا في أول الإسلام إذا أراد الرجل إضرار امرأته طلقها حتى إذا شارفت انقضاء العدة راجعها ثم طلقها ليطيل حبسها فلو كان إذا لم يراجعها تستأنف العدة لم يكن حاجة إلى أن يراجعها والله تعالى قصرهم على الطلاق الثلاث دفعا لهذا الضرر كما جاءت بذلك الآثار ودل على أنه كان مستقرا عند الله أن العدة لا تستأنف بدون رجعة سواء كان ذلك لأن الطلاق لا يقع قبل الرجعة؟ أو يقع ولا يستأنف له العدة؟ وابن حزم إنما أوجب استئناف العدة بأن يكون الطلاق لاستقبال العدة فلا يكون طلاق إلا يتعقبه عدة؛ إذا كان بعد الدخول كما دل عليه القرآن فلزمه على ذلك هذا القول الفاسد. وأما من أخذ بمقتضى القرآن وما دلت عليه الآثار فإنه يقول: إن الطلاق الذي شرعه الله هو ما يتعقبه العدة وما كان صاحبه مخيرا فيها بين الإمساك بمعروف والتسريح بإحسان وهذا منتف في إيقاع الثلاث في العدة قبل الرجعة فلايكون جائزا فلم يكن ذلك طلاقا للعدة ولأنه قال: {فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف} فخيره بين الرجعة وبين أن يدعها تقضي العدة فيسرحها بإحسان فإذا طلقها ثانية قبل انقضاء العدة لم يمسك بمعروف ولم يسرح بإحسان. وقد قال تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} [البقرة: 228]، فهذا يقتضي أن هذا حال كل مطلقة فلم يشرع إلا هذا الطلاق ثم قال: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} أي هذا الطلاق المذكور مرتان".

هذا والله أعلم.