شركات التقسيط

خالد عبد المنعم الرفاعي

شركات التقسيط المنتشرة في زماننا، تقوم بالتعاقد مع شركات المنتجات والمحال التجارية، وتقوم بدفع ثمن السلعة ناجزًا قبل تأكيد شراء العميل، ثم تبيعها للمشتري بالتقسيط نظير زيادة في الثمن، ومقتضى العقد هو توكيل التاجر في القبض والبيع بدلا عن شركة التقسيط.

  • التصنيفات: فقه المعاملات -
السؤال:

ما حكم شركات التقسيط التي تتعاقد مع بعض المحلات لتقديم خدمة التقسيط للمشتري من خلال تحميل الابليكيشن فقط و عند الدفع تخبر الكاشير انه سيتم الدفع عن طريق هذه الشركة فيتم الدفع عن طريق التقسيط من دون اي مقدم و بدون فوائد ، فقط يقوم المشتري بدفع ١٪؜ رسوم شراء إدارية عند اتمام كل عملية شراء ، فهل هذا يعد ربا ؟؟

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فمن المعلوم أن شركات التقسيط المنتشرة في زماننا، والتي تمكن العملاء من شراء كل ما يحتاجونه من السلع المعمرة والمواد الغذائية وغير ذلك:- حيث تقوم بالتعاقد مع شركات المنتجات والمحال التجارية، ومحال المواد الغذائي وغير ذلك على شراء منتجاتها لصالح العملاء، وتقوم بدفع ثمن السلعة ناجزًا قبل تأكيد شراء العميل، ثم تبيعها للمشتري بالتقسيط نظير زيادة في الثمن.

ومن تأمل العقود المبرمة بين شركات التقسيط والتجار، وعلم الدلائل الشرعية ومذاهب الأئمة، لا يتردد في القول بجواز تلك المعاملة؛ لأن مقتضى العقد هو توكيل المشتري -شركة التقسيط- للبائع -التاجر- في قبض المبيع، وهو جائز لأن الأصل في المعاملات الحل حتى يقوم دليل المنع، ولأن الوكالة جائز في كل عمل مباح، وهو ظاهر قول المالكية، كما في حاشية الدسوقي: ". . . إلا أن يكون القابض من نفسه ممن يتولى طرفي العقد كوصي ليتيميه ووالد لولديه الصغيرين، وسيد لعبديه، فيجوز بيع طعام أحدهما للآخر، ثم بيعه عليه لأجنبي قبل قبضه لمن اشتراه له فتأمله. . . ". اهـ.

وهو الصحيح من مذهب الحنابلة كما في المبدع: ". . . فلو اشترى منه مكيلا بعينه، ودفع إليه الوعاء، وقال: كله فإنه يصير مقبوضا". اهـ.

وجاء في الإنصاف: "..... الصحيح من المذهب: صحة استنابة من عليه الحق للمستحق في القبض، قال في التلخيص صح في أظهر الوجهين، وقدمه في الفروع". اهـ.

 وأيضًا من مقتضى العقد وموجَبه توكيل شركة التقسيط التاجر في البيع للعميل؛ وهو جائز أيضًا؛ لعموم أدلة جواز الوكالة، ولعدم ما يمنع شرعًا؛ ولأنه إن تم قبض المشتري للمبيع بنفسه أصالة، أو بالبائع نيابة جاز له أن يوكل البائع في بيعه، وهو قول الحنفية، كما في "حاشية ابن عابدين": " ولو اشترى ثوبا أو حنطة فقال للبائع: بعه، قال الإمام الفضلي: إن كان قبل القبض والرؤية كان فسخًا، فما لم يقبل البائع لا يكون فسخًا، وكذا لو بعد القبض والرؤية، لكن يكون وكيلاً بالبيع سواء قال: بعه أو بعه لي". اهـ.

وهو أيضًا قول المالكية والحنابلة؛ وهو متفرع عندهم على صحة توكيل البائع في القبض، فالبيع من باب أولى.

والشافعية وإن كانوا لا يصححون توكيل البائع في القبض، غير أنهم يصححون توكيل البائع في البيع.

إذا تقرر هذا فلا بأس من التعامل مع شركات التقسيط؛ لأن المعاملة هي بيع بالتقسيط مع زيادة في ثمن السلعة وهو جائز في قول عامة أهل العلم، والتاجر في تلك المعاملة وكيل عن شركة التقسيط في القبض والتسليم.

وقد سبق بيان جواز البيع بالتقسيط في فتوى: "تحرير مسألة البيع بالتقسيط" والله أعلم.