أنا في مصيبة كبيرة أرجو المساعدة
خالد عبد المنعم الرفاعي
فيجب عليك أن تأخذي نفسك بالقوة، ولا تستسلمي للفكر السلبي الذي يرجع العقوق للحاجز الذي كسر! فإن الفكر السلبي كثيرًا ما يولد سلوكًا سلبيًا، فضعي نصب علينك ما ذكرناه من أدلة، وقوي خوف الله تعالى في قلبك.
- التصنيفات: التوبة - الأدب مع الوالدين -
السلام عليكم انا في مصيبه والله بكل ما تحمل الكلمه من معنى وارجوا من حضرتك الرد ضروووري اوووي انا بفضل الله ربنا تاب عليا منذ زمن وبدأت طريق الاستقامة وكنت في الأول عندي بر بأمي وأبي لكن ما لبثت بعد فتره صغيره تحولت وصرت عاقه بهم ارفع صوتي عليهم وأخطاء معهم صرت لا استطيع التحكم في نفسي وكان بداخلي حاجز عن عقوقهم بأي صورة ولكنه انكسر كان في بدايه الامر اتخانق معهم وارفع صوتي لو منعوني عن طاعه ويزين لي الشيطان انه انا بزعق علشان عاوزين يمنعوني عن طاعه وبعد كدا الامر تطور وصار على اي حاجه تدايقني انا طبعا عارفه انه كله غلط انا بقالي مده على هذا االحال سنوات وفي كل مرة أخطأ بحقهم اعتذر لهم واطلب منهم ان يسامحوني وبالفعل اسالهم هل سامحتوني يقولوا لي نعم سامحناك لكن أشعر بداخلهم زعل مني ويكون بداخلي خوف من عقاب الله وندم وأتوب ولكني وانا اتوب اعرف اني ساعود لاني كما ذكرت يوجد حاجز احترام وعدم القرب من هذا الذنب انكسر بداخلي واعود اعود لذلك فعلا والداي كبار في السن وكثيرا ما يحذروني من هذا الامر واخاف جدااا من وفاة أحدهم وانا على هذه الحال ادعوا الله كثيرا ان يتوب عليا توبه نصوح من هذا الذنب وان لا يقبض أحدهم إلا وهو راض عني ويرضى الله عني برضاه عني لكني أريد أن ينتهي هذا الذنب الي الأبد ويصبح اسمي عند الله الباره بوالديها حقيقيه ماذا افعل انا مرعوبه وعاوزا اعوضهم كل شيء وحش ويكونوا من قلبهم فرحانين بيا لكن لا استطيع التحكم في نفسي والحاجة الذي انكسر بداخلي ديني يا شيخ ماذا أفعل هتجنن ومرعوبه حرفيا أوقات أخاف أن لا يقبل الله دعائي ولا أستطيع أن أتوب واعوضهم كل شيء قبل فوات الأوان وعندي مشكله أخري حقا هذه الفتره أريد جدا التقرب الي الله وأن أكون صديقه للقرآن واستقم حقيقه لكني غير موقفه تماما وأريد نصيحه أخرى في تنظيم الوقت أشعر بالخوف على نفسي وأريد الاستقامة ولكني أقع حوالي سيء
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فلا يخفى على أحد من خلق الله حقوق الوالدين على الأبناء، وقد جاءت الشريعة الإسلامية بما استقر في فطر بني آدم، فجعل بر الوالدين من آكَدِ الحقوق حتى عظمه الله وجعله في الترتيب مباشرًا لحقه – تعالى - حيث قال: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء:23]، وقال: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [النساء:36].
وَحَذَّرَ - سبحانه وتعالى - من عصيانهما، أو إيذائهما - ولو بأدنى الألفاظ - فقال – تعالى -: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} [الإسراء:23].
بل جعل - سبحانه - عقوقهما من أكبر الكبائر، ومن أسباب دخول جهنم - والعياذ بالله – ففي الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"ألا أُنَبِّئُكُمْ بأكبر الكبائر - ثلاثًا - قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وجلس وكان متكئًا، فقال: ألا وقول الزور، قال: فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت".
وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ثلاثة لا ينظر الله - عز وجل - إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المتَرَجِّلة، والدَّيُّوث"؛ رواه أحمد والنسائي، ورويا أيضًا قال صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة منانٌ، ولا عاقٌّ، ولا مدمنُ خمر".
عن أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صَعِدَ المنبر، فقال: "آمين، آمين، آمين، قيل: يا رسول الله، إنك - حين صَعِدت المنبر – قلت: آمين، آمين، آمين، قال: إن جبريل أتاني، فقال: من أدرك شهر رمضان ولم يغفر له، فدخل النار، فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين، ومن أدرك أبويه أو أحدهما، فلم يَبَرَّهُمَا، فمات فدخل النار، فأبعده الله".
إذا تقرر هذا فيجب عليكِ المبادرة بالتوبة الصادقة، والإكثار من الاستغفار والطاعات، وطلب الصفح والعفو، فإن صدقت توبتك، فإنها مقبولة - إن شاء الله تعالى - قال – تعالى -: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53]، وقال – تعالى -: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ} [الشورى: 25].
وقال – تعالى -: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: 70].
أما السبب في عودتك للعقوق مرة بعد أخرى، فهو أن توبتك ليست خالصة، وقد بين هذا شيخ الإسلام ابن تيمية فقال في "مختصر الفتاوى المصرية" (ص: 562):
"وأما التوبة النصوح فقد قال عمر بن الخطاب وغيره من السلف هو أن يتوب ثم لا يعود، ومن تاب ثم عاد فعليه أن يتوب مرة ثانية، ثم إن عاد فعليه أن يتوب، وكذلك كلما أذنب ولا ييأس من روح الله، وإن لم تكن التوبة نصوحًا فلعله إذا عاد إلى التوبة مرة بعد مرة منّ الله عليه في آخر الأمر بتوبة نصوح، والتائب إذا كانت نيته خالصة محضة لم يشبها قصد آخر فإنه لا يعود إلى الذنب؛ فإنه إنما يعود لبقايا غش كانت في نفسه، وقد قيل إنه قد يعود من تاب توبة نصوحًا، وقد يقال إن الأول أرجح؛ فإن الإيمان إذا خالطت حلاوته بشاشة القلوب لم يسخطه أبدًا، والقلب إذا باشر حقيقة الإيمان لم يتركه". اهـ.
وقال في "مجموع الفتاوى" (16/ 58):
"فالتوبة النصوح هي الخالصة من كل غش وإذا كانت كذلك كائنة فإن العبد إنما يعود إلى الذنب لبقايا في نفسه فمن خرج من قلبه الشبهة والشهوة لم يعد إلى الذنب فهذه التوبة النصوح وهي واجبة بما أمر الله تعالى؛ ولو تاب العبد ثم عاد إلى الذنب قبل الله توبته الأولى ثم إذا عاد استحق العقوبة، فإن تاب تاب الله عليه أيضًا، ولا يجوز للمسلم إذا تاب ثم عاد أن يصر؛ بل يتوب ولو عاد في اليوم مائة مرة؛ فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله يحب العبد المفتن التواب"، وفي حديث آخر: "لا صغيرة مع إصرار ولا كبيرة مع استغفار"، وفي حديث آخر: "ما أصر من استغفر ولو عاد في اليوم مائة مرة". اهـ.
إذا عُلم هذا، فيجب عليك أن تأخذي نفسك بالقوة، ولا تستسلمي للفكر السلبي الذي يرجع العقوق للحاجز الذي كسر! فإن الفكر السلبي كثيرًا ما يولد سلوكًا سلبيًا، فضعي نصب علينك ما ذكرناه من أدلة، وقوي خوف الله تعالى في قلبك،، والله تعالى أعلم.