العمل في عالم سمسم
خالد عبد المنعم الرفاعي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ:
فإن المتأمل للشريعة الإسلامية يجد أنها جاءت بمصالح العباد، فتقدم المصلحة الراجحة على درأ المفسدة المرجوحة، فالشارع الحكيم حرم تصوير ذوات الأرواح؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ المُصَوِّرُونَ"؛ متفق عليه.
ولكن لما كانت الحاجة والمصلحة داعية لاستثناء لعب الأطفال من التحريم، أباحها الشرع؛ كما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها، قالت: "كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وسلم، وكان لي صواحب يلعبن معي، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل يتقمعن منه، فيسربهن إلي فيلعبن معي".
وفي رواية أحمد أبي داود قالت: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من غزوة تبوك، أو خيبر، وفي سهوتها ستر، فهبت ريح فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة لعب، فقال: "ما هذا يا عائشة؟" قالت: بناتي، ورأى بينهن فرسا لها جناحان من رقاع، فقال: "ما هذا الذي أرى وسطهن؟ " قالت: فرس، قال: "وما هذا الذي عليه؟ " قالت: جناحان: قال: "فرس له جناحان؟!"، قالت: أما سمعت أن لسليمان خيلاً لها أجنحة؟ قالت: فضحك حتى رأيت نواجذه.
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"(10/ 527):
"واستدل بهذا الحديث على جواز اتخاذ صور البنات واللِعب من أجل لِعب البنات بهن، وخص ذلك من عموم النهي عن اتخاذ الصور وبه جزم عياض ونقله عن الجمهور، وأنهم أجازوا بيع اللعب للبنات؛ لتدريبهن من صغرهن على أمر بيوتهن وأولادهن". اهـ.
إذا تقرر هذا؛ فيجوز العمل في مجال الرسومِ المتحركة وأفلام الكرتون، ولكن بشرط أن تكون لمواضيعها مباحة، أو هادفة؛ لأن أثرها في نفوس الأطفال كبير جدًا،، والله أعلم.