ركوب المرأة تاكسي أو اوبر
خالد عبد المنعم الرفاعي
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإن الشارع الحكيم قد حرَّم الخلوة بالمرأة الأجنبية لكونها ذريعة للشَّرِّ والفساد؛ فقال صلى الله عليه وسلم: "لا يَخْلُونَّ رجلٌ بامرأة إلا مع ذي مَحْرَم"؛ متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم أيضًا: "ما خلا رجلٌ بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان"؛ رواه الترمذي وأحمد.
فالخلوةُ بالأجنبية حرامٌ بالاتفاق في كل الأوقات، وعلى كل الحالات؛ كما قال أبو العباس القرطبي في كتابه "المُفْهِم".
وضابطُ الخلوة أن يكونَ الرجلُ والمرأة مُنفردين في مكانٍ يخفى فيه منظرهما وصوتهما على الناس، وضبطها الحنابلة وغيرهم، أن تَخلو به عن مشاهدة مميِّز، فإنْ شاهدَها مميِّز، زالت الخلوة، وكذلك لو أتتِ امرأة أُخرى انتفت الخلوة، وقد نص عليه في "المغني" و"الإِنصاف".
وهو الموافق لمعنى الخلوة في اللغة، من خلا المكان والشيء يخلو خلوًا وخلاء، وأخلى المكان: إذا لم يكن فيه أحد ولا شيء فيه، وخلا الرجل وأخلى وقع في مكان خال لا يزاحم فيه، كما في لسان العرب.
إذا تقرر هذا؛ فيجوز للمرأة ركوب السيارة مع السائق بمفردها؛ مادام يسير بها وسط المدينة ويطلع عليهما من في الطريق، ولكن لو كان يسير في طريق غير مأهول بالناس أو خرج بها عن حدود المدينة إلى طرق خالية، فهي بلا شك خلوة محرمة لا تجوز إلا إذا دعت الحاجة الشديدة كما بينه شيخ الإسلام ابن تيمية فقال في "مجموع الفتاوى" (15 /419): "حرَّم الخلوة بالأجنبيَّة لأنَّه مَظِنَّة الفتنة، والأصلُ أنَّ كلَّ ما كان سببًا للفتنة فإنَّه لا يجوز؛ فإنَّ الذريعة إلى الفساد سدُّها، إذا لم يُعارضها مصلحة راجحة؛ ولهذا كان النَّظَر الذي قد يُفضي إلى الفِتْنة محرَّمًا، إلاَّ إذا كان لحاجة راجِحة؛ مثل نظر الخاطِب والطَّبيب وغيرهما، فإنَّه يُباح النَّظَر للحاجة مع عدم الشهوة".
هذا؛ والله أعلم.