الطلاق بالثلاث قبل الدخول برسالة جوال

خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال:

بعد زواجي بعقد قران شرعي وقع نزاع بيني و بين زوجتي و غضبت منها غضبا شديدا لكني كنت مترددا في الطلاق لأن اسرتي كانت تحضر للعرس . لم اصبر حتى استشرتهم و قالو لي انك حر لانك تعرفها جيدا و اذا استمرت في اغضابك دائما ستعيش حياة تعيسة فزاد غضبي و ذهبت الى الجوال و بعثت لها رسالة كالآتي : ( أنت طالق طالق طالق و ابوي غاضبين عليك ايضا و اصدقائي قالو لي انك امرأة نكدية معي فخذ قرارا مناسبا فأنت طالق و لا رجعة في قراري ) في اليوم التالي جاءت تبكي إلى المنزل و تحدثت هي مع اختي و امي و أنا حن اليها قلبي على حزنها فقلت لها لا تعيدي اخطائكي ثانية . قالت لي حاضر لكن عليك ان تستفتي حول الفاظك في الرسالة فتعجبت كيف استفتي إماما في هذا الأمر الم يكفيني تراجعي عن قراري و ندمي على الفاظي؟ في الحقيقة لم اكن اعلم شيئا حول احكام الطلاق و ان الزوحة تحرم على الزوجة بعد الطلقة الثالثة.  كل ما كنت اعلمه ان في العرف لدينا يقولون ان فلان طلق زوجته بالثلاث ظنا مني انه طلقها نهائيا بقولهم بالثلاث و انه قصد تحريمها منه و تطليقها في المحاكم المدنية التابعة للدولة و لم يكن لدي ادنى فكرة حول الطلقة الاولى ثم الثانية ثم الثالثة في الشرع .  فهل يقع طلاقي في هاته الحالة؟ و إذا وقع ، كم طلقة عندي ! لاني اخاف انها تكون حرمت علي زوجتي لاني تلفظت بالطلاق في تلك الرسالة اربع مرات كما قرأتم.  علما اني لم ادخل على زوجتي بعد؟ ونفسي تقول لي انك نويت ايقاع الثلاث الطلقات عمدا لقصد تحريمها و تارة تقول لي نفسي لم تقصد الثلاث لانك كنت جاهلا بالاحكام...افتوني بارك الله فيكم

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ: 

فإنْ كان الحال كما ذكرْتَ: أنك كتبْتَ رسالة عبر الجوال لزوجتك تُخبرها أنها طالق طالق طالق، فإنَّ الطلاق يقع إن كنت قصدت  بالكتابة الطلاق، وإن كنت لم تنو الطلاق، فلا يقَعُ الطلاق؛ لأن الراجح من قولي أهل العلم أن الكتابة كناية وليست صريحة في الطلاق، ولذلك يشترط لها النية. 

هذا؛ وقد اختلف الفقهاء في وقوع الطلاق بالكتابة، فذهب الجمهور إلى اشتراط النية لوقوعه - وهي العزم على الوقوع - وعدوه من الطلاق بالكناية؛ قال ابن قدامة في "المغني": "إذا كتب الطلاق، فإن نواه طلقت زوجته"، وبهذا قال الشافعي والنخعي والزهري والحكم وأبو حنفية ومالك، فأما إذا كتب ذلك من غير نية، فقال أبو الخطاب: "قد خرجها القاضي الشريف في الإرشاد على روايتين:

إحداهما: يقع. وهو قول الشعبي والنخعي والزهري والحكم لما ذكرنا.

والثانية: لا يقع إلا بنية، وهو قول أبي حنيفة ومالك ومنصوص الشافعي؛ لأن الكتابة محتملة، فإنه يقصد بها تجربة القلم، وتجويد الخط، وغَمَّ الأهل، من غير نية، ككنايات الطلاق، فإن نوى بذلك تجويد خطه ، أو تجربة قلمه، لم يقع؛ ولأنه لو نوى باللفظ غير الإيقاع، لم يقع؛ فالكتابة أولى وإذا ادعى، ذلك دين فيما بينه وبين الله تعالى، ويقبل أيضاً في الحكم في أصح الوجهين؛ لأنه يقبل ذلك في اللفظ الصريح، في أحد الوجهين؛ فهاهنا مع أنه ليس بلفظ أولى، وإن قال: نويت غم أهلي، فقد قال، في رواية أبي طالب".

وعليه، فإن كنت قصدت بكتابة الرسالة طلاق زوجتك كما هو الظاهر ، فإن الطلاق يقع واحدة فقط وليس ثلاثًا، وقد بانت منك بينونة صغرى، لا تحل إلا بعقد جديد ومهر جديد، وليس لها عدة من هذا الطلاق؛ كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: 49].

وحق المطلقة أن تأخذ نصف مهرها؛ لقوله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [البقرة: 237].

وأما إن لم تكن قصدت الطلاق بكتابة الرسالة، فإن الطلاق لا يقع،،  والله أعلم.