هلى وصف الخطباء للنبي بأنه طب القلوب عافية الابدان من الغلو
خالد عبد المنعم الرفاعي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .... بعض الواعظين في مقدمة حديثهم يقولون هذه الكلمات ( ....... وصلي الله على نبينا محمد طب القلوب ودوائها عافية الابدان وشفائها سر الاسرار ونور الانوار ) فقال لي بعضهم هذا نوع من الغلو في رسول الله صلي الله عليه وسلم وان الله يقول : الله نور السماوات والارض .. وكيف يكون النبي سر الاسرار ارجو من فضيلتكم التوضيح وجزاكم الله خيرا .
الحمد لله والصلاة، والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فلا شك أن حمل كلام المتكلم على أسوء الاحتمالات ليس من الإنصاف والعدل الذي أمرنا به، والكلام المذكور يمكن حمله على معان حسنة، ومن ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الكفر من الإيمان، والربح من الخسران والهدى من الضلال، والنجاة من الوبال، والغي من الرشاد، والزيغ من السداد، وأهل الجنة من أهل النار، والمتقون من الفجار وإيثار سبيل من أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
فليس بهذا المعنى محذور شرعي، لأن الذي يظهر أن مراد القائل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، من الشرع الحنيف، فهو بلا شك طب القلوب ودواؤها وعافية الأبدان وشفاؤها ونور الأبصار وضياؤها، قال الله تعالى: { يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} [المائدة: 15]، قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (13/ 10):
"قيل: "النور" هو محمد عليه الصلاة والسلام، وقيل: هو الإسلام. وقوله: { قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا} [النساء: 174] قيل: "البرهان" هو محمد، وقيل هو الحجة والدليل، وقيل: القرآن والحجة والدليل تتناول الآيات التي بعث بها محمد صلى الله عليه وسلم".
وهذه مسائل معلومة في بلاغة العرب، أقصد أن العرب تسمي الشيء باسم الشيء إذا كان منه بسبب؛ فسمت المطر سماء لنزوله من السماء، فكذلك يحتمل هاهنا أن يعبر بما ورد في الشرع عن النبي لأنه هو من جاء به، وكان سببًا له،، والله أعلم.