حكم من قال هو مرتد وكان صائمًا
خالد عبد المنعم الرفاعي
السلام عليكم و رحمه الله و بركاته لى صديق فى العمل أثناء الصيام فى لحظه عصبيه قال انه مرتد عن الإسلام و لكنه لم يفعل بما قاله شىء و ظل يصلى و يصوم فهل صيامه مقبول أم لا
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، ثم أما بعد:
فإن من الكفر الصريح التكلم بكلمة الكفر كإخبار المسلم عن نفسه بأنه كافر: كفوله: هو كافر أو مرتد، أو نحو ما لم يكن هناك مانع من إكراه أو سكر؛ وقد دلّ القرآن العزيز على أن من نطق بكلمة الكفر كفر وإن كان مازحًا؛ قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ* لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: 66، 67].
قال في "بدائع الصنائع"(7/ 134) في معرض كلامع عن أحكام المرتدين:
"أما ركنها (أي: الردة)، فهو إجراء كلمة الكفر على اللسان بعد وجود الإيمان، إذ الردة عبارة عن الرجوع عن الإيمان، فالرجوع عن الإيمان يسمى ردة في عرف الشرع". اهـ.
وقال النووي في منهاج الطالبين: "الردة هي قطع الإسلام بنية، أو قول كفر، أو فعل، سواء قاله استهزاء، أو عنادا، أو اعتقادا". اهـ.
وقال الإمام ابن نجيم الحنفي في "البحر الرائق" (5/ 134)
"والحاصل أن من تكلم بكلمة الكفر هازلاً أو لاعبًا كفر عند الكل، ولا اعتبار باعتقاده كما صرح به قاضي خان في فتاويه، ومن تكلم بها مخطئًا أو مكرها لا يكفر عند الكل، ومن تكلم بها عالمًا عامدًا كفر عند الكل". اهـ.
وقال في "لوامع الدرر في هتك استار المختصر" (13/ 389):
"والردة هي ما لم يُصرَّح فيه بتكذيبه، كأن يقول: هو كافر أو مشرك، أو يقول: لا بعث ولا جزاء ونحو ذلك مما يلزم منه التكذيب". اهـ.
وقال الشيخ عليش "منح الجليل شرح مختصر خليل" (9/ 205-206):
"وسواء كفر (ب) قول (صريح) في الكفر كقوله: كفر بالله أو برسول الله أو بالقرآن، أو الإله اثنان أو ثلاثة، أو المسيح ابن الله أو العزيز ابن الله، (أو) ب (لفظ يقتضيه) أي يستلزم اللفظ الكفر استلزامًا بينًا، كجحد مشروعية شيء مجمع عليه معلوم من الدين ضرورة، فإنه يستلزم تكذيب القرآن أو الرسول". اهـ.
وعليه فمن قال هو مرتد، فقد كفر؛ لأنه أتى بقول صريح في الكفر، وهو مثلَ أن يقول : هو يهوديٌّ أو نصرانيٌّ أو مجوسيٌّ أو بريءٌ من الإسلام، أو من القرآنِ أو النبيِّ عليه صلى الله عليه وسلم، فالإقرار بالكفر كفر كما في النقول السابقة.
ويجب عليه أن يتوب إلى الله توبة نصوحًا، ويستغفر ويندم على ما صدر منه، ويعزم على عدم العود، وينطق بالشهادتين، ويغتسل غسل الدخول في الإسلام، كما يجب عليه قضاء اليوم الذي ارتدّ فيه؛ لأن من ارتد عن الإسلام، فقد أفطر.
المغني لابن قدامة (3/ 133)
لا نعلم بين أهل العلم خلافا في أن من ارتد عن الإسلام في أثناء الصوم، أنه يفسد صومه، وعليه قضاء ذلك اليوم، إذا عاد إلى الإسلام. سواء أسلم في أثناء اليوم، أو بعد انقضائه، وسواء كانت ردته باعتقاده ما يكفر به، أو شكه فيما يكفر بالشك فيه، أو بالنطق بكلمة الكفر، مستهزئا أو غير مستهزئ، قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ* لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: 66، 67]
وذلك لأن الصوم عبادة من شرطها النية، فأبطلتها الردة، كالصلاة والحج، ولأنه عبادة محضة، فنافاها الكفر، كالصلاة". اهـ.
هذا؛ والله أعلم.