حكم الإفطار بسبب طول ساعات الصيام
خالد عبد المنعم الرفاعي
السلام عليكم. انا وزوجي انتقلنا على بيت جديده ومافي معانا غير الثياب وفراش ع الارض. وكان هذا الشي ببداية رمضان والبيت كان يشتي لها تصليحات كثيره من رنج وتغيير اشياء . وكان يجو لنا ناس من الصباح عشان يصلحو البيت وزوجي بحكم انو احنا ببلد اوروبي والصيام هنا 19 ساعه كان يفطر بسبب انو الوقت طويل وهو يصحى من الصباح على مشاوير وينقل الاغراض وهذا الشي فيه تعب كثير له لدرجة احيانا يجيه دوخه والم بجسمه. هل افطاره صحيح وهل عليه كفاره ؟ والله ضميري يأنبني ف حبيت اسأل . وكمان انا حامل وما اقدر للصيام ف فطرت هل عليا قضاء الصوم مع اخرتج كفارة ؟؟ وجزاكم الله عنا كل خير.
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإنَّ طول ساعات الصيام ليس عُذرًا شرعيًّا لإفطار رمضان؛ إلاَّ إذا لحق المكلف مشَقَّة غيرَ مُحْتمَلة، أو قد تُؤَدِّي إلى الهَلاَك، أمَّا إن كانتْ تلك المَشَقَّة محتملة، فلا يجوز له الفطر.
قال أبو محمد بن حزم في المحلى: "ومن جهده الجوع، أو العطش حتى غلبه الأمر ففرض عليه أن يفطر؛ لقول الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}[ سورة النساء: 29]، ولقول الله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}[ سورة البقرة آية: 185]، وقول الله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[ سورة الحج آية: 78]، ولقول رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم"".
وورد في فتاوى اللَّجنة الدائمة:
"منَ المعلوم مِن دين الإسلام بالضَّرورة: أنَّ صيام شهر رمضان فَرْضٌ على كل مُكَلَّف، ورُكْنٌ مِن أركان الإسلام، فعَلَى كلِّ مُكَلَّفٍ أن يحرصَ على صيامِه؛ تحقيقًا لِمَا فَرَضَ اللهُ عليه؛ رجاء ثوابه، وخوفًا من عقابه، دون أن ينسى نصيبه منَ الدنيا، ودون أن يُؤْثِرَ دُنياه على أُخْرَاه، وإذا تَعَارَض أداء ما فرضه الله عليه من العبادات مع عَمَلِه لِدُنياه، وَجَبَ عليه أن يُنَسِّقَ بينهما؛ حتى يَتَمَكَّنَ منَ القيام بهما جميعًا، ففي المثال المذكور في السؤال، يجعل الليل وقتَ عمله لدنياه، فإن لم يَتَيَسَّرْ ذلك أخذ إجازة من عمله شهرَ رمضان، ولو بدون مُرَتب، فإن لم يتيسر ذلك، بَحَثَ عن عملٍ آخر، يمكنه فيه الجَمْع بين أداء الواجبينِ، ولا يُؤْثِر جانب دُنْياه على جانب آخرته؛ فالعَمَل كثيرٌ، وطُرُق كسب المال ليستْ قاصِرةً على مثل ذلك النوع منَ الأعمال الشَّاقَّة، ولن يُعْدَم المسلم وَجْهًا من وُجُوه الكسب المُبَاح، الذي يمكنه معه القيام بما فَرَضَه الله عليه من العبادة - بإذن الله - {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: 2، 3].
وعلى تقدير أنَّه لم يجدْ عملاً دون ما ذكر مما فيه حَرَج، وخشي أن تأخذه قوانينُ جائرة، وتفرض عليه ما لا يَتَمَكَّن معه من إقامة شعائر دينه، أو بعض فرائضه - فَلْيَفِرَّ بدينه مِن تلك الأرض إلى أرض يَتَيَسَّر له فيها القيام بواجب دينه ودنياه، وَيَتَعَاوَن فيها مع المسلمينَ على البِرِّ والتَّقوى، فأرضُ الله واسِعة؛ قال الله - تعالى -: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً} [النساء: 100]، وقال - تعالى -: {قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10]، فإذا لم يَتَيَسَّرْ له شيء من ذلك كله، واضْطُرَّ إلى مثل ما ذُكر في السؤال منَ العَمَل الشَّاق - صام حتى يحسَّ بمبادئ الحرج، فيتناولَ منَ الطعام والشراب ما يحول دون وُقُوعه في الحرج، ثم يُمسكَ، وعليه القَضَاء في أيام يسهل عليه فيها الصِّيام".اهـ.
"فتاوى اللَّجنة الدَّائمة للبُحُوث العلميَّة والإفتاء" (10 / 234 - 236).
وعليه؛ فمن شق عليه الصوم مشقة غير محتملة؛ من جراء العمل، ولم يستطع إيجاد عمل بديل، ولا غنى له عن عمله - جاز له الفطر، وقضاء تلك الأيام في أيام العطلات، أما من كان عمله غير شاق أصلاً، أو فيه مشقة محتملة، فلا يحل له الإفطار، ولو فعل، فقد ارتكب كبيرة من أكبر الكبائر بانتهاك حرمة الشهر الفضيل، والواجب عليه التوبة النصوح، والاستغفار والعزم على عدم العود مع قضاء الأيام التي أفطرها،
ويراج مراجعة فتوى: الإفطار بسبب شدة الجوع
أما حكم افطار الحامل فقد سبق بيانه في فتوى: إفطار الحامل في رمضان.
هذا؛ والله أعلم.