عدم قضاء الصيام لأعوام كثيرة

خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال:

قبل خمسة عشر سنة كنت في سوريا بداعي العلاج وتطلب بقائي في سوريا ستة عشر يوماً من رمضان ولم اصم كذلك لم اقض تلك الايام . ماذا افعل ؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ:

فقد أجمع العلماء عَلَى وُجُوب قضاء الصيام على كلِّ مَن أفطر في رمضان لعُذْر شرعيٍّ مِنْ سفر أو مرض أو غيرهما، إن كان قادرًا على الصيام - قبل مجيء رمضان التالي.

والذي يظهر من كلامِكِ أنك أفطرتِ قبل خمسة عشر عامًا بسبب العلاج؛ فكان الواجبُ عليكِ قضاء تلك الأيام في أولَ أوقاتِ التمكُّن والاستطاعة،

فإن كان تأخُّر القضاء لعُذر مقبولٍ شرعًا؛ كالمرض، ونحوه، فلا إثم عليكِ - إن شاء الله - في التأخير؛ بسبب العذر، وليس عليكِ إلا القضاءُ فقط، ولا تجب عليكِ كفارةٌ، فتقضي عدد الأيام التي أفطرتِها.

الثاني: أن كان تأخيرُ القضاء بدون عُذرٍ، فيجب عليك التوبةُ إلى الله - تعالى - توبةً نصوحًا، والعزم على عدم العوْد إلى ذلك، مع القضاء، وقد أوجب الجمهورُ الكفارةَ، وهي إطعامُ مسكينٍ؛ خلافًا للحنفيَّة، فلم يوجبوا إلا القضاءَ فقط، وقول الجمهورِ أحوطُ؛ قال ابن قُدامة في "المغني":

" وَجُمْلَةُ ذَلِكَ، أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ صَوْمٌ مِنْ رَمَضَانَ، فَلَهُ تَأْخِيرُهُ مَا لَمْ يَدْخُلْ رَمَضَانُ آخَرُ... وَلَا يَجُوزُ لَهُ تَأْخِيرُ الْقَضَاءِ إلَى رَمَضَانَ آخَرَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - لَمْ تُؤَخِّرْهُ إلَى ذَلِكَ، وَلَوْ أَمْكَنَهَا لَأَخَّرَتْهُ، وَلِأَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ مُتَكَرِّرَةٌ، فَلَمْ يَجُزْ تَأْخِيرُ الْأُولَى عَنْ الثَّانِيَةِ، كَالصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ، فَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْ رَمَضَانَ آخَرَ نَظَرْنَا؛ فَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْقَضَاءُ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ، فَعَلَيْهِ مَعَ الْقَضَاءِ إطْعَامُ مِسْكِينٍ لِكُلِّ يَوْمٍ، وَبِهَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَمُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ.

وَقَالَ الْحَسَنُ، وَالنَّخَعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ صَوْمٌ وَاجِبٌ، فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ فِي تَأْخِيرِهِ كَفَّارَةٌ، كَمَا لَوْ أَخَّرَ الْأَدَاءَ، وَالنَّذْرَ". اهـ.

وعليه فيجب عليك صيام الستة عشر يومًا بعد رمضان مباشرة، كما تجب عليك كفارة إطعام مسكين عن كل يوم،، والله أعلم.