زيارة القبور يوم العيد وما يحصل فيها من بدع
محمد بن صالح العثيمين
لم يرد أنه صلى الله عليه وسلم أنه يخص المقبرة بزيارةٍ بعد صلاة العيد. وعلى هذا فتخصيصها بهذا اليوم أو الذهاب إلى المقبرة في هذا اليوم يعتبر من البدع التي لا يجوز للمرء أن يتقيد بها.
- التصنيفات: النهي عن البدع والمنكرات - مناسبات دورية -
هناك أهل قرية عندهم عادة دون غيرهم من أهل القرى والقبائل؛ وهي أنهم عقب انتهائهم من صلاة المشهد من كل يوم عيد سواء كان عيد الأضحى أو عيد الفطر يذهبون إلى زيارة قبور أهليهم ومن في تلك المقبرة من أموت المسلمين وذلك من أجل السلام عليهم، وفي أثناء الطريق يتضرعون إلى الله ويدعون، ومن جملة تضرعهم ودعائهم قوله الله، الله، أنا يا الله عبد ضعيف يطلب الغفران. إلى أن يقولون أربع تكبيرات وهم واقفون، ولكنهم لم يشدوا رحالاً وعند مشاهدتهم للمقبرة وعلى بعد حوالي ثمانين متراً تقريباً يرفعون أصواتهم بتذللٍ وخشوعٍ بقول لا إله إلا الله، ثم يتقدم أحد القراء وهم واقفون ثم يسلم على الميتين بما ورد عنه صلى الله عليه وسلم «السلام عليكم». إلى آخر الدعاء، لا نريد الإطالة بذكره. يقول: نريد أن تذكروا لنا حكم هذه الزيارة وحكم ما يقال فيها وما يُفعل.
زيارة القبور مستحبة للرجال كل وقت ليلاً ونهاراً في أيام الأعياد وفي غيرها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها، وفيها فائدتان عظيمتان: إحداهما تذكر الآخرة، والثانية الدعاء لهؤلاء الأموات من المؤمنين والمسلمين. وإذا كانت من العبادات فإنه يجب على المؤمن أن يكون فيها متبعاً لا مبتدعاً، متبعاً في هيئتها وفي زمنها، وهذا الزمن الذي خصصه هؤلاء وهو ما بعد صلاة العيدين يخرجون إلى المقبرة، هذا الزمن ليس وارداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم،
ولم يرد أنه صلى الله عليه وسلم أنه يخص المقبرة بزيارةٍ بعد صلاة العيد. وعلى هذا فتخصيصها بهذا اليوم أو الذهاب إلى المقبرة في هذا اليوم يعتبر من البدع التي لا يجوز للمرء أن يتقيد بها، وإن كان الأصل أن الزيارة مشروعة ولكن تخصيصها في هذا اليوم أو بعد الصلاة هو من البدع، هذا واحد، فهي بدعة زمنية. كذلك أيضاً الصيغة التي أدوا بها هذه الزيارة لكونهم يذهبون مجتمعين ويقولون هذا الدعاء إذا أقبلوا على المقبرة وهذا الذكر، ثم يتقدم قارئ فيقرأ، هذا أيضاً من البدع في صيغة الدعاء وفي كيفية الزيارة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد عنه أنه يذهب هو وأصحابه مجتمعين، ولا أنهم يعملون كما يعمل هؤلاء من الدعاء بهذه الدعوات في مكانها المعين وحين إقبالهم على المقبرة.
فالواجب على هؤلاء الإخوان أن ينتهوا عن هذا وأن يتوبوا إلى الله وأن يزوروا المقبرة كلما سنحت لهم الفرصة واشتدت بهم الغفلة عن الآخرة حتى يتذكروا بها ما يصيرون إليه كما صار إليه هؤلاء الأموات الذين كانوا من قبل أحياءً على ظهر الأرض، وأن يكونوا متبعين للرسول صلى الله عليه وسلم في جميع عباداته؛ لأننا لو قلنا أن كل من استحسن شيئاً تقرب به إلى الله أصبح الدين غير منضبط، وأصبح لكل قومٍ دين؛ لأن هؤلاء يستحسنون كذا فيدينون لله به، وهؤلاء يستحسنون كذا فيدينون لله به، وحينئذٍ تتفرق الأمة شيعاً كل حزبٍ بما لديهم فرحون. والواجب الرجوع إلى كتاب الله وإلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويدعون ما يدع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه.