بر الوالدين لا ينقطع بموتهما
خالد عبد المنعم الرفاعي
احد جيرانى هو شاب لكنه عصبى جدا.فى ذات يوم كان هناك مشكله فى منزلهم و تحدث مع ابيه باسلوب عنيف و قام باعلاء صوته عليه و فى صباح اليوم التالى وجدوا والده قد توفى دون اى وجود مرض لكنه قدره اتى.فهذا الشاب شعر بندم شديد لانه اباه توفى و هو لا يعلم هل اباه توفى و هو حزين منه ام لا فهو يشعر بالندم الشديد و لا يعرف ماذا يفعل. فبم تنصحه شيخنا الفاضل؟؟؟
الْحَمْدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَن وَالَاهُ، أَمَّا بَعْدُ:
فقد أجمع العلماء على أن بر الوالدين من أعظم القربات بعد الإيمان بالله، وأن عقوقهما من أكبر الكبائر، ولكن من رحمة الله تعالى أن التوبة النصوح الخالصة من كل غش تكفر العقوق كما تكفّر غيره؛ قال الله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [التحريم: 8]، وقد فسرها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " أن يتوب من الذنب ثم لا يعود إليه ".
وقد ذكرت أن ذلك الشاب يشعر بالندم، والندم توبة كم صحّ عن رسول الله، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له كما في الحديث الصحيح.
أما كيف يستدرك ما فاته، فالأمر يسير على من يسره الله عليه؛ فليس بر الوالدين مقصورًا على الحياة فقط، فالبر ممدود بعد؛ ففي سنن أبي داود عن مالك بن ربيعة الساعدي رضي الله عنه قال: بينا نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال: يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ فقال: "نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنقاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما".
فليكثر من الترحم عليه، والاستغفار له، والدعاء له وإنفاذ وصيته وإيصال ما أمكنه من الخير والأجر له فالصدقة عن الأب المتوفي تفيده، ويصله ثوابها، سواء كانت صدقة جارية أو صدقة منقطعة، وأن يحسن إلى أقارب والده وصديقه.
وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "أبر البر أن يصل الرجل ود أبيه"، وفي رواية "الأدب المفرد" عن ابن عمر: "مر أعرابي في سفر، فكان أبو الأعرابي صديقًا لعمر رضي الله عنه، فقال للأعرابي: ألست ابن فلان؟ قال: بلى، فأمر له ابن عمر بحمار كان يستعقب، ونزع عمامته عن رأسه فأعطاه، فقال بعض من معه: أما يكفيه درهمان؟ فقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "احفظ ود أبيك، لا تقطعه فيطفئ الله نورك".
وقال - صلى الله عليه وسلم –: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له"
هذا؛ والله أعلم.