عدم طاعة الزوجة لزوجها
خالد عبد المنعم الرفاعي
زوجتي لا تطيعني في كثير من الأمور وتعامل والدتي معاملة سيئة من اول زواجنا وان متزوج من سنة وثمانية أشهر ومع ذلك زوجتي تعيش في شقتها لوحدها بعيدة عن والدتي انا اسكن في بيت عيلة وتريد مني أن لا أرى والدتي بعد ما ارجع من العمل مع انها لاتساعد والدتي باي شيء من أمور الحياة وتسمع كلام اهلها في كل شيء وتسبني انا وامي في بعض الأحيان مثلا أن قلت لها امي تعبانة اعملي لها اي شي يكون الرد انت مش جيبني خدامة لامك وهكذا ولم اجد حل لهذة المشكلة مع انها تغضب وتذهب عند اهلها لحد لان عشرون مرة تقريبا ونبذت مشاكل بين اهلي واهلها بسبب كذبها لانها تمشي وتروح تقول اني اللي مشتها وتبقي هي اللي غلطانه فيا وفي اهلي ولا يوجد اطفال لانها سقطت ثلاث مرات
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فالشارع الحكيم جعل قوامة البيت من مسؤولية الرجل لحكم لا تخفى على من طلبها، ومن مقتضيات تلك القوامة الإنفاق على الزوجة ورعايتها، وأداء حقها وإحسان عشرتها، والسعي في مصالحها الدينية والدنيوية؛ قال الله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [البقرة: 228]، والمراد بالدرجة حق الرجل في القوامة، ولا قوامة بدون طاعة الزوجة لزوجها، وقال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34].
فيجب على المرأة أن تسمع وتطيع زوجها إذا أمرها بالمعروف، وطاعة الزوجة زوجها من أوجب واجبات الشرع، ما لم تكن في معصية الله تعالى، وهي مقدَّمة على طاعة كل أحد، حتى الوالدين، ولا يجوز لها عصيان أمره، وصحّ عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، ولا تؤدى المرأة حق الله عز وجل عليها كله حتى تؤدى حق زوجها عليها كله، حتى لو سألها نفسها وهى على ظهر قتب لأعطتها إياه"؛ رواه أحمد وابن ماجه.
والله تعالى يجازي الزوجة على طاعته زوجها بالثواب الجزيل؛ كما في حديث عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها، قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت"؛ رواه أحمد.
وقال ابن قُدَامة في "المغني": "وللزَّوج مَنعُها من الخروج من منزله، إلَّا ما لها منه بُدٌّ، سواء أرادت زيارة والِدَيها، أو عيادتهما، أو حضورَ جنازة أحدهما، قال أحمد - في امرأةٍ لها زوج وأم مريضة-: "طاعةُ زوجها أوجب عليها من أُمِّها، إلَّا أن يَأذَن لها". اهـ.
وقال في "الإنصاف": "لا يَلزَمُها طاعة أبويها في فِراق زوجها، ولا زيارةٍ ونحوها، بل طاعة زوجها أحقُّ". اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب "مجموع الفتاوى": "المرأة إذا تَزوَّجت، كان زَوجُها أملك بها من أبويها، وطاعةُ زوجها عليها أَوجَبُ". اهـ.
وقال أيضًا: "فليس لها أن تَخرُج من منزله إلا بإذنه، سواء أَمَرَها أبوها أو أمُّها أو غيرُ أبويها، باتِّفاق الأئمَّة". اهـ.
أما السبيل الأفضل لعلاج تلك المشكلات فالذي يظهر من كلامك أنكما في حاجة لتدخل بعض العقلاء لرأب الصدع بينكما، فيسمعون منكما، وما تنقم عليها، ويبينوا لكما ما يجب على كل منكما تجاه الآخر.
فالحرص على الحياة الزوجيةِ غرَضٌ شرعيٌّ أصيلٌ، ومِن ثَم أمر الله كلاًّ مِن الزوجين بالمعامَلة بالمعروف، والرِّفق ببعضهما البعض، والإحسان كلٌّ إلى الآخر، والتجاوُز عن الهفوات، والمعامَلة بالرفق واللين، مع ما أوجده الله من الرحمة والمودة بين الزوجين وأودعه في قلبيهما من العطف الذي يدفع كل واحد إلى التعلق بالآخر.
ولكن إنْ وقَع الشِّقاق، رتَّب الله طرُقًا للعلاج؛ مِن الوعظ، والتدخُّل لأهل الخير، وغير ذلك، ولا تفكر بالطلاق إلا إن احتدَّ الشِّقاق، وجفت القلوب، واستحالت العِشْرة، فحينئذ يشرع الطلاق كحلٍّ أخيرٍ، فآخر الدواء الكي،، والله أعلم.