إنكار أفعال أهل الديانات الأخرى
خالد عبد المنعم الرفاعي
هل عندما أرى بعض شعائر الديانات الأخرى التي لا منطق لها في نظري لكنهم يرون أنها بركة هل أحتقرهم لذلك لأنهم أيضا يروننا نعظم بعض الأشياء و لكنهم يرون أنه لا منطق لتعظيم هذه الأشياء فهل أحتقر الديانات الأخرى لعقيدتها المغلوطة و شعائرها أم لعقيدتها المغلوطة فقط
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فحياة المؤمن تقوم كلها على أساس العقيدة الإسلامية، وكذلك أخلاقه وسلوكه، ولا شك أن هذا كله يحتاج إلى الجهد كبير، ومن تلك الأخلاق الكريمة التي رسخها الإسلام في نفوس اتباعه، الإعراض عن الكافرين بعد الدعوة والبلاغ، والله تعالى يجري سنته، فيقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق، ومتى وجد الحق فإن شأن الباطل هين، وعمره كذلك قريب، وقد أمر الله تعالى الرسول - صلى الله عليه وسلم- بالإعراض عن المشركين، ووجه كذلك المؤمنين إلى أن يكون هذا الإعراض في أدب، وفي وقار، وفي ترفع، يليق بالمؤمنين، ومن ثمّ أمروا ألا يسبوا آلهة المشركين مخافة أن يحمل السب أولئك المشركين على سب الله سبحانه - وهم لا يعلمون جلال قدره وعظيم مقامه - فيكون سب المؤمنين لآلهتهم المهينة الحقيرة ذريعة لسب الله الجليل العظيم؛ قال الله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ } [الأنعام: 108].
فاحمد الله تعالى على العافية، واحتقار الكفار لا شك نابع عن كرههم، ولكن لا تجعله يدخلك فيما لا طائل وراءه من سب آلهتهم أو الضحك عليهم؛ لأن ذلك لا يؤدي بهم إلى الهدى، ولا يزيدهم إلا عناداً، ولا جدوى وراءه؛ وتأمل قوله تعالى بعدما نهى عن سب المشركين: {كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 108].
"إن الطبيعة التي خلق الله الناس بها، أن كل من عمل عملاً، فإنه يستحسنه، ويدافع عنه! فإن كان يعمل الصالحات استحسنها ودافع عنها، وإن كان يعمل السيئات استحسنها ودافع عنها، وإن كان على الهدى رآه حسناً، وإن كان على الضلال رآه حسناً كذلك! فهذه طبيعة في الإنسان، وهؤلاء يدعون من دون الله شركاء، مع علمهم وتسليمهم بأن الله هو الخالق الرازق، ولكن إذا سب المسلمون آلهتهم هؤلاء اندفعوا وعدوًا عما يعتقدونه من ألوهية الله، دفاعاً عما زين لهم من عبادتهم وتصوراتهم وأوضاعهم وتقاليدهم!
فليدعهم المؤمنون لما هم فيه.....
إن القلب الذي لا يؤمن بآيات الله المبثوثة في هذا الوجود - بعد توجيهه إليها على هذا النحو العجيب الذي تكفل به هذا الكتاب العجيب - ولا توحي آيات الله المبثوثة في الأنفس والآفاق إليه أن يبادر إلى ربه، ويثوب إلى كنفه، إن هذا القلب هو قلب مقلوب، والذي عاق هؤلاء عن الإيمان في أول الأمر، ما الذي يُدري المسلمين الذين يقترحون إجابة طلبهم، أن يعوقهم عن الإيمان بعد ظهور الخارقة؟ إن الله هو الذي يعلم حقيقة هذه القلوب، وهو يذر المكذبين في طغيانهم يعمهون، لأنه يعلم منهم أنهم يستحقون جزاء التكذيب، كما يعلم عنهم أنهم لا يستجيبون، لا يستجيبون ولو نزل إليهم الملائكة كما يقترحون! ولو بعث لهم الموتى يكلمونهم - كما اقترحوا كذلك! - ولو حشر الله عليهم كل شيء في هذا الوجود يواجههم ويدعوهم إلى الإيمان! إنهم لا يؤمنون - إلا أن يشاء الله- والله سبحانه لا يشاء؛ لأنهم هم لا يجاهدون في الله ليهديهم الله إليه، وهذه هي الحقيقة التي يجهلها أكثر الناس عن طبائع القلوب.
إنه ليس الذي ينقص الذين يلجون في الضلال أنه لا توجد أمامهم دلائل وبراهين، إنما الذي ينقصهم آفة في القلب، وعطل في الفطرة، وانطماس في الضمير.
وإن الهدى جزاء لا يستحقه إلا الذين يتجهون إليه، والذين يجاهدون فيه". قاله صاحب الظلال.
هذا؛ والله أعلم.