حكم عدم التخلص من النقود التي كانت سببا بكفره
خالد عبد المنعم الرفاعي
السلام عليكم. هناك بعض المنصرين الذين يُغرون المسلمين بالمال, فيكفر المُسلم ويرتد عن دينه مقابل هذا المال ويتنصر. وكما تعلم هذه ردة عظيمة. السؤال الان: ما حكم هذا الشخص اذا تاب وأناب ورجع الى الاسلام ونطق الشهادة وبقي معه من هذا المال الذي كان سببا في ردته عن الاسلام العظيم ولم يتخلص من هذا المال وهو يعلم أنه مال حرام حصل عليه بالردة,,, فهل يبقى على كفره طالما أنه لم يتخلص من المال وهو عالم بحاله؟ ام ان شرط التوبة منفصل عن المال الذي كان سببا في ردته ؟ يعني لو بقي المال معه وانفقه على نفسه, هل يكون مالا حراما فقط ام يظل مرتدا الى أن يتخلص منه وينطق الشهادة؟ اريد شيء من التفصيل ومن كلام الله ورسوله ثم أهل العلم
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ عَلَى رسولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فالعبدَ إذا أذنبَ ثُمَّ تاب مِن ذُنُوبِه وصدق في توبته، فإنَّ الله يقبَلُ توبَتَه؛ كما قال عزَّ وجلَّ: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53]، وقال تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [التوبة: 104]، وقال أيضًا: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ} [الشورى: 25]، وقال سبحانه وتعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى} [طـه: 82].
وهذا شاملٌ لجميع الذُّنوب حتَّى الكُفْرِ والشِّرك إذا تابَ صاحبُه واستغفَر وأصلحَ عفا الله عنه ما سَلَف وتاب عليه، ولا بدَّ من أن يَثِقَ العبدُ في ذلك لأنَّ وعْدَ الله لا يُخلَف، وذُنُوبُ العباد وإنْ عظُمَت فإنَّ عفوَ الله ومغفرتُه أعظمُ منها وأعظم، فهي ليستْ شيئًا في جنب عفوِ الله ومغفِرَتِه، فطوبَى لِمَنْ رَجَعَ إلى ربِّه نادمًا مُتحسِّرًا تائبًا.
وقد سبق بيان هذا مفصلاًَ في فتوى: التوبة من الكفر، هل تقبل توبة المرتد ثلاث مرات
أما المال الذي أخذه نظيرًا لردنه، فهو مال خبيث لا يحل له الانتفاع به، فيجب عليه أن يضع هذا المال في مصالح المسلمين، ولكن إن كان فقيرا ولا يجد من يسد رمقه فيجوز أن ينتفع بجزء من المال.
ولا تتوقف صحة التوبة على رد المال،، والله أعلم.