هل يشرع قطع صلاة الفريضة من أجل صلاة الجنازة
خالد عبد المنعم الرفاعي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ذهبنا للصلاة على متوفى بعد صلاة الظهر ولكننا تأخرنا في الطريق، فوصلنا والإمام في جلسة التشهد الأخير للصلاة، فكبرنا تكبيرة الإحرام ودخلنا في صلاة الجماعة، ثم قمنا لنتم صلاة الفرض بعد تسليم الإمام، وما إن أتممنا ركعة واحدة حتى نادى الإمام على صلاة الجنازة..السؤال الآن: هل نخرج من صلاة الفرض وندخل في صلاة الجنازة مع الإمام أم نتم صلاة الفرض ونلحق بالإمام فيما تبقى من صلاة الجنازة؟ جزاكم الله خيرا
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد أجمع أهل العلم على أنه لا يجوز قطع الصلاة المفروضة بغير عذر شرعي، والأصل في ذلك قوله تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33].
وإنما يشرع قطع الصلاة عند الضرورة كإغاثة ملهوف، وإنقاذ حياة إنسان، فالواجب حينئذ قطع الصلاة لإسعافه، وكذلك يجب قطعها لو خشي المصلي على نفسه أو غيره الهلاك.
قال في "الدر المختار شرح تنوير الأبصار وجامع البحار" (ص: 89)
"ويباح قطعها لنحو قتل حية، وند دابة، وفور قدر، وضياع ما قيمته درهم، له أو لغيره، ويستحب لمدافعة الاخبثين، وللخروج من الخلاف إن لم يخف فوت وقت أو جماعة، ويجب لاغاثة ملهوف وغريق وحريق، لا لنداء أحد أبويه بلا استغاثة إلا في النفل، فإن علم أنه يصلي لا بأس أن لا يجيبه، وإن لم يعلم أجابه". اهـ.
وقال في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (34/50- 51):
"قطع العبادة الواجبة بعد الشروع فيها بلا مسوغ شرعي غير جائز باتفاق الفقهاء؛ لأن قطعها بلا مسوغ شرعي عبث يتنافى مع حرمة العبادة، وورد النهي عن إفساد العبادة، قال تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}[محمد: 33].
أما قطعها بمسوغ شرعي فمشروع، فتقطع الصلاة لقتل حية ونحوها للأمر بقتلها، وخوف ضياع مال له قيمة له، أو لغيره، ولإغاثة ملهوف، وتنبيه غافل أو نائم قصدت إليه نحو حية، ولا يمكن تنبيهه بتسبيح". اهـ.
إذا تقرر هذا، فلا يجوز قطع صلاة الفريضة من أجل صلاة الجنازة؛ وإنما يكمل صلاة الفريضة، فإن لحق صلاة الجنازة صلى معهم، ويقضي التكبيرات التي فاتته بعدما يسلم الإمام، فمن فاتته بعض التكبيرات في صلاة الجنازة، فإنه يدخل مع الإمام ويتابعه في أي موضعٍ أدركه فيه؛ فلو أدركه في الدعاء، كبَّر وقرأ الفاتحة، ثم يكبِّر ويصلِّي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ... وهكذا، فيأتي بالأذكار في مواضعها، ثم يتدَارك ما فاته من التكبيرات مع أذكارها، ثم يُسَلِّم، وهذا القول مبنيٌّ على أن ما أدركه هو أول صلاته - كما هو مذهب الجمهور - وهو الراجح - إن شاء الله تعالى - وهو قول المالكية والشافعية.
أما من فاتته صلاة الجنازة فإن أمكنه الصلاة عليها في المسجد، وإلا صلى عليها بعد دفنها على القبر.
هذا؛ وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية الحكمة من مشروعية صلاة الجنازة فقال في "مجموع الفتاوى" (21/ 286): "والمقصود الأكْبر من صلاة الجنازة هو الدعاء للميِّت؛ ولهذا كان عامَّة ما فيها من الذِّكْر دعاء"،، والله أعلم.