ما كفارة ضرب زملائي

خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال:

السلام عليكم عندما كنت في الاعدادية مع بعض الاصدقاء السوء كنا نضرب زملائنا و نسرقهم من مال و طعام فمرت السنين و تبت الى الله و اصبحت ارد تلك المظالم و استسمحهم لكن لم ارد كلها بسبب لا استطيع الوصول لبعض الاشخاص و مرت علي سنوات و انا ابحث عنهم لكن لا اجدهم فماذا افعل.. اني تصدقت بقدر هذه المسروقات لكن من ناحية الاعتداء عليهم و الضرب كيف اردها .. لأن ذلك قصاص بأن يضربني مثلما ضربته تواصلت مع بعض الشيوخ و قالوا لي بان ادعو لهم و استغفرلهم و ايضا اتصدق عنهم و البعض قال لي ان الله علم صدق ردك هذه المظالم التي فيها اعتداء و الضرب و سيتحملها عنك يوم القيامة.. الان ما هو رايكم و ماهو السبيل لتبرأ ذمتي يوم القيامة ؟؟ ارجو الرد السريع و ان تستغفروا لي ....

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ:
فهنيئًا لك ما تشعُر به مِن النَدَمٍ على ما كان منك، والرغبة في ردّ المظالم، والسعي في سؤال أهل العلم في تحقيق التوبة النصوح، كل هذا دليل على حياة قلبك وصدق توبتك، والله تعالى إنما يجازي العبد على ما في قلبه من الصدق، فالظلم والسرقة وإن كانا من كبائر الذنوب إلا أن الله تعالى يغفرهما للتائبين، فسبيل التوبة مفتوح دائمًا لكل من قصده متضرعًا متذللاً، خاشعًا باكيًا آسفًا، فيغفر الله ذنبه مهما عظم؛ لأن العفو والمغفرة والرحمة أحب إليه من الانتقام والعقوبة، والفضل أحب إليه من العدل، والعطاء أحب إليه من المنع، فرحمته وسعت كل شيء، حتى قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح: "لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، وجاء بقوم يذنبون ثم يستغفرون فيغفر لهم"، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الله كتب كتابا قبل أن يخلق الخلق: إن رحمتي سبقت غضبي، فهو مكتوب عنده فوق العرش"، وفي رواية مسلم: "إن رحمتي تغلب غضبي".

فأكثر من الأعمال الصالحة والاستغفار والدعاء بالخير والصلاح والهداية لمن ظلمتهم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان أعظم الخلق كان أكملهم توبة وأكثرهم استغفارًا؛ ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة" وقال صلى الله عليه وسلم : "إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة"؛ رواه مسلم، وعن ابن عمر قال: "كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم"، رواه الترمذي وقال صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس توبوا إلى الله عز وجل واستغفروه فإني أتوب إلى الله وأستغفره كل يوم مائة مرة" رواه أحمد والأحاديث في هذا المعنى الشريف أكثر من أن يحاط بها.

إذا تقرر هذا؛ فليس عليك تجاه زملاء الصغر أكثر مما قيل لك، فأحسن الظن بالله تعالى، فهو سبحانه لا يتعاظمه ذنب أن يغفره لمن تاب، فالذنب مهما عظم، فإن التوبة تمحوه،، والله أعلم.