بركة ماء زمزم تحصل لكل من شربها سواء كان داخل مكة أم خارجها

الإسلام سؤال وجواب

البركة في ماء زمزم بركة أودعها الله عز وجل في الماء ذاته أينما كان، وليست متعلقة فقط في مكان زمزم أو زمان شربه أيام الحج والعمرة، فقد وصفها النبي صلى الله عليه وسلم نفسها بقوله: «إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ».

  • التصنيفات: فقه الحج والعمرة - فقه الأطعمة والأشربة -
السؤال:

هل الدعاء عند شرب ماء زمزم خاص بمن هو موجود بمكة، سواء كان مقيما أو زائرا أو حاجا أو معتمرا، أم أن الدعاء عند شربه هو عام يشمل جميع المسلمين في كل الأقطار، مع العلم أني سمعت فتوى للشيخ الألباني في " سلسلة الهدى والنور " يقول فيها بأنه يرى أن الدعاء عند شرب ماء زمزم خاص بمن هو موجود بمكة المكرمة، ولم يذكر رحمه الله دليلا في هذه المسألة

الإجابة:

الحمد لله
أولا:
البركة في ماء زمزم بركة أودعها الله عز وجل في الماء ذاته أينما كان، وليست متعلقة فقط في مكان زمزم أو زمان شربه أيام الحج والعمرة، فقد وصفها النبي صلى الله عليه وسلم نفسها بقوله: «إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ» رواه مسلم (2473) ، وفي رواية البزار والطبراني والبيهقي وغيرهم زيادة: «وشفاء سقم»: انظر: " السنن الكبرى " (5/147).


وظاهر الأدلة، إن شاء الله، أن هذه البركة عامة لكل ماء زمزم، سواء الموجود منه في مكة، أو المحمول منه إلى غيرها من البلدان، ولذلك نص غير واحد من أهل العلم على مشروعية نقل ماء زمزم خارج مكة، وبقاء بركته وخاصيته حتى بعد نقله.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" وَمَنْ حَمَلَ شَيْئًا مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ جَاز فَقَدْ كَانَ السَّلَفُ يَحْمِلُونَهُ ".
وقال الصاوي المالكي رحمه الله:
" (ونُدب نقله - يعني ماء زمزم -) وخاصيته باقية خلافا لمن يزعم زوال خاصيته " انتهى.
" حاشية الصاوي على الشرح الصغير " (2/44) ، ونحوه في " منح الجليل شرح مختصر خليل " (2/273)
وقال الشيخ علي الشبراملسي الشافعي رحمه الله:
" (قوله: ماء زمزم لما شرب له) هو شامل لمن شربه في غير محله " انتهى.
" حاشية نهاية المحتاج " (3/318) .
وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله في " تحفة المحتاج " (4/144) : " وأن ينقله إلى وطنه استشفاء وتبركا له ولغيره " انتهى.
وقال السخاوي رحمه الله:
" يذكر على بعض الألسنة أن فضيلته مادام في محله، فإذا نقل يتغير. وهو شيء لا أصل له؛ فقد كتب [صلى الله عليه وسلم] إلى سهيل بن عمرو: (إن وصل كتابي ليلا: فلا تصبحن، أو نهارا: فلا تمسين، حتى تبعث إلي بماء زمزم).
وفيه أنه بعث له مزادتين وكان حينئذ بالمدينة قبل أن يفتح مكة.
وهو حديث حسن لشواهده، وكذا كانت عائشة رضي الله عنها تحمل وتخبر أنه كان يفعله، وأنه كان يحمله في الأداوي والقرب، فيصب منه على المرضى ويسقيهم، وكان ابن عباس إذا نزل به ضيف أتحفه بماء زمزم. وسئل عطاء عن حمله فقال قد حمله النبي والحسن والحسين رضي الله عنهما.
وتكلمت على هذا في الأمالي. " انتهى.
المقاصد الحسنة، للسخاوي (1/569) .
بل قال الملا علي القاري، رحمه الله:
" وأما نقل ماء زمزم للتبرك به فمندوب اتفاقا ". انتهى.
مرقاة المفاتيح (9/194) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله السؤال الآتي:
" هل يشترط أن يكون الشرب في مكة - يعني لماء زمزم كي تتحقق بركته -؟
فأجاب:
" لا يشترط، ولهذا كان بعض السلف يأمر مَنْ يأتي به إليه في بلده فيشرب منه، وهو أيضاً ظاهر الحديث (ماء زمزم لما شرب له) ، ولم يقيده النبي صلى الله عليه وسلم بكونه في مكة " انتهى.
" فتاوى نور على الدرب " (شروح الحديث والحكم عليها)
وقال أيضا رحمه الله:
" ظاهر الأدلة أن ماء زمزم مفيد سواء كان في مكة أم في غيرها، فعموم الحديث الوارد عن النبي عليه الصلاة والسلام في قوله: (ماء زمزم لما شرب له) يشمل ما إذا شرب في مكة أو شرب خارج مكة، وكان بعض السلف يتزودون بماء زمزم يحملونه إلى بلادهم " انتهى.
" فتاوى نور على الدرب " (فتاوى الحج والجهاد/باب محظورات الإحرام)
وجاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " (1/298) :
" أما ما ذكرت عن ماء زمزم من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ماء زمزم لما شرب له» فقد رواه الإمام أحمد وابن ماجه عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو حديث حسن، وهو أيضا عام، وأصح منه قول النبي صلى الله عليه وسلم في ماء زمزم: (إنها مباركة، وإنها طعام طعم وشفاء سقم) رواه مسلم وأبو داود وهذا لفظ أبي داود - يعني الطيالسي - فإذا أردت منه شيئا أمكنك أن توصي من يحج من بلدك ليأتي بشيء منه في عودته من حجه " انتهى.
وانظر " الموسوعة الفقهية " (24/14) .
ولعل الشيخ الألباني رحمه الله، قد تراجع عن المنع من حمل ماء زمزم، والتبرك به خارج مكة، أو ـ على أقل تقدير ـ نقول: إن له قولا آخر في المسألة، يوافق ما نقلناه هنا من كلام أهل العلم.


قال الشيخ الألباني رحمه الله:
" وله [أي: للحاج والمعتمر] : أن يحمل معه من ماء زمزم ما تيسر له تبركا به؛ فقد: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمله معه في الأداوي والقرب وكان يصب على المرضى ويسقيهم) [قال الشيخ في تخريج ذلك: أخرجه البخاري في (التاريخ) والترمذي وحسنه من حديث عائشة رضي الله عنها وهو مخرج في (الأحاديث الصحيحة) (883) ] بل إنه: (كان يرسل وهو بالمدينة قبل أن تفتح مكة إلى سهيل بن عمرو: أن أهد لنا من ماء زمزم ولا تترك فيبعث إليه بمزادتين) [قال في تخريجه: أخرجه البيهقي بإسناد جيد عن جابر رضي الله عنه. وله شاهد مرسل صحيح في (مصنف عبد الرزاق) (9127) وذكر ابن تيمية أن السلف كانوا يحملونه] ".
مناسك الحج والعمرة (42) ، وقرر نحوا من ذلك في السلسلة الصحيحة، رقم (883) ، تحت عنوان: " حمل ماء زمزم، والتبرك به ". (2/543) .
والله أعلم.