دعوة الأب الظالم على ابنه

خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال:

السلام عليكم لقد طلقني زوجي وعندما رفعت عليه دعوة اثبات طلاق صار يتهمني بشرفي وعرضي ويتهمني باالخيانه وعندي ولد عمره ١٧ سنه عندما رأى والده يتهمني ويهددني بشرفي ذهب وتضارب معه فأصبح ابوه يدعو عليه بعدم التوفيق والمرض ودعاوي مرعبه هل دعاويه تستجاب فهو اب ظالم ترك اولاده واتهم والدتهم بعرضها وظلمني ظلم كبير فلم يتحمل ابني ظلمه لي ارجو الاجابه

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومن والاه، أمَّا بعدُ:

فإن برّ الوالد ومصاحبتُه بالمعروف ولو كان كافرًا، والحرص على رضاه، من أوْكد واجبات الشريعة، ومن المعلوم من دين الإسلام بالضرورة، ويعرفه كل أحد، وأدلَّة الكتاب والسنَّة، الآمِرة بذلك أشهر من أن تذكر وأكثر من أن تحصر،  

قال الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [البقرة: 83] وقال تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا} [النساء: 36]، وقال تعالى: { وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ المَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [لقمان: 14-15].

وظلم الوالد لا يُبَرّر مُطلقًا المعاملة السيئة فضلاً عن ضربه، فالله تعالى حرم على الابن مجرد التأفف؛ قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً} [الإسراء: 23-24]‏،  فلا يأمن الابن أن يسخط اللهُ عليه؛ فإن رضى الرَّبّ في رضى الوالدين، وسَخَط الربّ في سَخَط الوالدين؛ كما في الحديث الذي رواه التّرمذِي.

فيجب على ابنك لتوبة النصوح إلى الله تعالى، ومن شرط التوبة طلب العفو من والده، واسترضائه.

أما دعاء الوالد عليه فإن من لطف الله وإحسانه بعباده، أنه لا يعجل استجابة الدعاء بالشر، ولكنه - تعالى - يمهلهم؛ وقال تعالى: {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ} [يونس: 11]، وفي الصحيح قال رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: "لا يَزالُ يُستجاب للعَبْدِ ما لم يَدْعُ بِإثْمٍ أو قَطيعةِ رَحِمٍ؛ ما لم يَسْتَعْجِل"..

وقال الإمام الطبري في "تفسيره" (15/ 33)عند تفسير آية سورة يونس:

"ولو يُعَجِّلُ الله للناس إجابةَ دعائهم في الشرِّ، وذلك فيما عليهم مضرَّةٌ في نفس أو مال {اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ}؛ يقول: كاستعجاله لهم في الخير بالإجابة إذا دعوه به، {لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ}؛ يقول: لهلكوا، وعُجِّل لهم الموتُ، وهو الأجلُ".   

هذا؛ والله أعلم.