الحديث الغير مشروع في الهاتف

خالد عبد المنعم الرفاعي

سمى الشرع الكلام بين الجنسين بالمحرمات زنا؛ لأنه من دواعي زنا الفرج.

  • التصنيفات: النهي عن البدع والمنكرات -
السؤال:

ما حكم الشرع في محادثة الرجل الفتاةَ في الهاتف المحمول، والتلفظ بالألفاظ الخارجة والإباحية، وقد يصل التلفظ لدرجة ممارسة الرذيلة في الهاتف؟ وهل تعد هذه الممارسة زنى أم لا؟ وهل يختلف الأمر إذا كان الاثنان أعزبين، أو كان أحدهما متزوجًا، أو كان الاثنان متزوجين؟ وهل من كفارة لذلك إذا رغب السائل في التوبة، والعودة إلى الله عز وجل؟ جزاكم الله خيرًا.

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهُداه، وبعد:

فإن الحديث بين الرجل والمرأة هاتفيًا بعبارات جنسية، من الحرمات التي يدركها كل أحد بالضرورة العقلية، والبداهة الفطرية؛ ولا تفتقر لإقامة برهان عند من لم تتغير فطرته، فهي أمر فطري ضروري، ولكن قد يحصل لبعض الفطر ما يُفسِدها، فيحيلنا إلى النظر، كما يقرن النظر بالضرورة، كما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "كل مولود يولد على الفطرة" وفي لفظ: "على هذه الملة"، وفي لفظ: "على فطرة الإسلام- فابواه يُهوّدانه ويُنصِّرانه ويُمجّسانه، كما تُنتَج البهيمةُ بهيمةَ جمعاءَ، هل تُحِسُّون فيها جدعاء"، ثم يقول أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}.

هذا؛ وقد ورد ما يدل على أن الحديث بين الجنسين والتلذذ بهذا نوع من الزنا؛ ففي الصحيحين عن ابن عباس قال: "ما رأيتُ شيئاً أشبه بِاللَّمَمِ (أي صغائر الذنوب) مما قال أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدركه ذلك لا محالة؛ فزنا العينين النظر، وزنا اللسان المنطق، والنفس تتمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه» وزاد أحمد في روايته: «وزنا اليدين البطش وزنا الرجلين المشي وزنا الفم القبل»، فإن المُقَدِّمات من حيث كونها طلائع وأمارات تؤذِن بوقوع ما هي وسيلة إليه، حتى تجر صاحبها إلى الوقوع في الزنا.

ومن ثمّ سمى الشرع الكلام بين الجنسين بالمحرمات زنا؛ لأنه من دواعي زنا الفرج.

قال الإمام أبو العباس القرطبي في "المُفهِم": "يعني : "وإنما أُطْلِق على هذه الأمور كلها: زنا؛ لأنها مقدماتها، إذ لا يحصل الزنا الحقيقيُّ - في الغالب - إلا بعد استعمال هذه الأعضاء في تحصيله".

وقال الإمام النووي في "شرح مسلم": "معنى الحديث أن ابن آدم قُدِّر عليه نصيب من الزنا، فمنهم من يكون زناه حقيقياً ... أو النظر، أو اللمس، أو الحديث الحرام مع أجنبية، ونحو ذلك، أو بالفكر بالقلب".

ولا فارق بين المتزوج وغيرها في الحرمة ولكن هو من المتزوج أشد حرمة، ومن المرأة أقبح من الرجل لأنه محرم وخيانة.

أما التوبة فبابها مفتوح في كل وقت  يجب على من تلبس بشيء من هذا أن يبادر بالتوبة النصوح،، والله أعلم.