هل يمكن للزاني التوبة بدون جلد؟
خالد عبد المنعم الرفاعي
دلت الشريعة المطهرة أن الأفضل في حقه أن يستر على نفسه؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها، فمن ألمّ بشيء منها، فليستتر بستر الله - تعالى - وليتب إلى الله تعالى...
- التصنيفات: التوبة -
هل يمكن لشخص زني ان يتوب بدون جلد اذا فعل الخيرات طوال حيانه راجيا من الله ان يتوب عليه
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، ثم أما بعد:
فإن من سعة رحمة رب العالمين أن فتح باب التوبة لكل من جنح إلى خطيئة، أو وقع في فاحشة أو ألمّ بكبيرة، فإنه إذا استغفر الله تعالى وتاب توبة نصوحًا، تاب الله عليه، ولا يشترط لقبول توبة الزاني إقامة الحد عليه، طالما أن أمره لم يصل إلى القاضي، وقد دلت الشريعة المطهرة أن الأفضل في حقه أن يستر على نفسه؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها، فمن ألمّ بشيء منها، فليستتر بستر الله - تعالى - وليتب إلى الله - تعالى - فإنه من يُبْدِ لَنَا صفحتَهُ نُقِمْ عليه كتاب الله"؛ رواه الحاكم من حديث ابن عمر، ورواه مالك - في "الموطأ" – مرسلًا، عن زيد بن أسلم، وصححه الألباني في صحيح الجامع.
وروى أبو داود والنسائي قال - صلى الله عليه وسلم -: "تعافُوا الحدود فيما بينكم، فما بلغني من حد قد وجب".
ولأن الإقرار على النفس بالزنا من المجاهرة المنهي عنها؛ ففي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملًا، ثم يصبح - وقد ستره الله - فيقول: يا فلان، عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه".
قال النووي - في شرحه على مسلم (6 / 117) عند ذكر حديث ماعز الذي أقرّ على نفسه بالزنا: "وفي هذا الحديث دليل على سقوط إثم المعاصي الكبائر بالتوبة، وهو بإجماع المسلمين". اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر - في فتح الباري (19 / 238) -:
"ويؤخذ من قضيته: أنه يستحب لمن وقع في مثل قضيته أن يتوب إلى الله - تعالى - ويستر نفسه، ولا يذكر ذلك لأحد؛ كما أشار به أبو بكر وعمر على ماعز، وأن من اطلع على ذلك يستر عليه بما ذكرنا، ولا يفضحه، ولا يرفعه إلى الإمام؛ كما قال - صلى الله عليه وسلم - في هذه القصة -: "لو سترته بثوبك، لكان خيرًا لك"، وبهذا جزم الشافعي - رضي الله عنه - فقال: "أُحب لمن أصاب ذنبًا، فستره الله عليه أن يستره على نفسه، ويتوب، واحتج بقصة ماعز مع أبي بكر وعمر". اهـ.
هذا؛ والله أعلم