حكم تقليد المرأة لصوت الرجل
خالد عبد المنعم الرفاعي
إن كان محاكاة كلام هذا الرجل على سبيل التنقص فهو من الغيبة المحرمة، وإن كان التقليد بغير تنقص فلا يحرم، ولكن قد ورد الوعيد الشديد لمن كذب ليضحك الناس.
- التصنيفات: موضوعات متنوعة -
السلام عليكم احيانًا عندما اريد ان اقول نكته او شي من هذا القبيل افخم صوتي قليلًا اليوم رأيت مقطع لرجل وهو يقول نكته وعندما قلتها فخمت صوتي وانا اقولها تذكرت انه لا يجوز فهل اكون لعنت والعياذ بالله لأنني اكملت الكلام وانا مفخمه صوتي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، ثم أما بعد:
فإن تقليد الأشخاص أو تقمص الشخصية وهو ما يعرف في اللغة بالمحاكاة، يكون مكروهًا أو محرمًا إذا كان على سبيل التنقص أو تقليده فيما يقبح منه مثل أن يحاكي لازمة في كلامه، أو هيئة في لباسه أو مشيته، وغير ذلك من الهيئات التي يقلد صاحبها.
فقد روى أبو داود والترمذي، وقال: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ عن عائشة، قالت: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: حسبك من صفية كذا وكذا، قال غير مسدد: تعني قصيرة، فقال: "لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته"، قالت: وحكيت له إنسانًا، فقال: "ما أحب أني حكيت إنسانًا وأن لي كذا وكذا".
قال في فيض القدير (5/ 411): "قال الطيبي: وأكثر ما تستعمل المحاكاة في القبيح، "وأن لي كذا وكذا": أي لو أعطيت كذا وكذا من الدنيا، أي شيئًا كثيرًا منها بسبب ذلك، فهي جملة حالية واردة على التعميم والمبالغة". اهـ.
وجاء في "تطريز رياض الصالحين" (ص: 841): " قال العاقولي: قوله: "ما أحب أني حكيت إنسانًا"، أي: فعلت مثل فعله، يقال: حكاه وحاكاه، وأكثر ما استعمل المحاكاة في القبيح، وهو في الغيبة المحرمة، كأن يمشي متعارجًا أو مطأطئًا، وغير ذلك من الهيئات يحكي بذلك صاحبها". اهـ.
إذا تقرر هذا؛ فإن كان محاكاة كلام هذا الرجل على سبيل التنقص فهو من الغيبة المحرمة، وإن كان التقليد بغير تنقص فلا يحرم، ولكن قد ورد الوعيد الشديد لمن كذب ليضحك الناس؛ ففي مسند الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي عن بهز بن حكيم، حدثني أبي، عن جدي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ويل للذي يحدث فيكذب، ليضحك به القوم، ويل له ويل له".
قال في "فيض القدير" (6/ 368):
".... كرره إيذانًا بشدة هلكته؛ وذلك لأن الكذب وحده رأس كل مذموم، وجماع كل فضيحة، فإذا انضم إليه استجلاب الضحك الذي يميت القلب، ويجلب النسيان، ويورث الرعونة = كان أقبح القبائح، ومن ثم قال الحكماء: إيراد المضحكات على سبيل السخف نهاية القباحة".
وجاء في "سبل السلام" (2/ 683):
"الحديث دليل على تحريم الكذب لإضحاك القوم، وهذا تحريم خاص، ويحرم على السامعين سماعه إذا علموه كذبًا؛ لأنه إقرار على المنكر، بل يجب عليهم النكير أو القيام من الموقف".
إذا تقرر هذا؛ فمحاكاة المرأة لصوت الرجل في النكات، تجمع محظورات ثلاث، التشبه والمحاكاة والكذب،، والله أعلم.