الهبة وشروطها ومن يحق له الرجوع في الهبة
خالد عبد المنعم الرفاعي
ذهب جمهور العلماء على حرمة العودة في الهبة إذا استوفت شروطها وأن الهبة تلزم بالحيازة وتمضي إن كان الواهب مؤهلاً للتصرف غير محجور عليه، ولا يحق له الرجوع فيها بعد ذلك.
- التصنيفات: فقه المعاملات -
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يجوز العودة في الهبة إذا تمت بشروطها ومن يحق له الرجوع في الهبة؟
الحمد لله والصلاة والسلامعلى رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد دلت السنة المشرفة أن الهبة إذا تمت بشروطها، وكان الواهب مؤهلاً للتصرف وقت الهبة وتمت حيازتها من طرفالموهوب له حيازة تامة بحيث يصبح متصرفاً فيها تصرف المالك في ملكه، ويرفع الواهب عنها يده تماماً، فلا يحق للواهب الرجوع فيها ،لما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن ابن عباس - رضي الله عنهما- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم–قال: "ليس لنا مثل السوء، العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه".
وقد ذهب جمهور العلماء على حرمة العودة في الهبة إذا استوفت شروطها وأن الهبة تلزم بالحيازة وتمضي إن كان الواهب مؤهلاً للتصرف غير محجور عليه، ولا يحق له الرجوع فيها بعد ذلك، أما إذا لم تستوف الهبة شروطها فإنها ترجع إلى صاحبها، فقد روى الإمام مالك في الموطأ: "أن أبا بكر وهب لعائشة- رضي الله عنها- جذاذ عشرين وسقاً من ماله بالعالية، فلما مرض مرضه الذي توفي فيه، قال لها: كنت قد نحلتك عشرين وسقاً ولو كنت قبضتيه أو حزتيه كان لك، فإنما هو اليوم مال وارث فاقتسموه على كتاب الله تعالى".
ولما ثبت في صحيح البخاري عن عمر- رضي الله عنه- قال: حملت على فرس في سبيل الله فابتاعه أو فأضاعه الذي كان عنده فأردت أن أشتريه وظننت أنه بائعه برخص، فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال لا تشتره وإن بدرهم فإن العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه".
أما من يحل له الرجوع في الهبة فهما الوالدان كما وروى الإمام أحمد وأصحاب السنن عن ابن عمر وابن عباس- رضي الله عنهم- أنه- صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يحل لرجل أن يعطي العطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده...".
والله أعلم.