زوجة عمي أرضعتني أنا وزوجي!

خالد عبد المنعم الرفاعي

الرَّضاع المشكوك فيه لا تأثير له، وإنَّما ينتشر التَّحريم بالرضاع المعلوم إذا كان خمس رضعات أو أكثر، في الحولين، فإذا لم يكن معلومًا، فالأصل الجواز.

  • التصنيفات: فقه الزواج والطلاق -
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ياشيخ انا متزوجة من ابن خالي ولدي منه اربعة ابناء المشكل ان زوجة عمي قامت بارضاع زوجي اكثر من خمس رضعات في الحولين واخبرتني والدتي ان هذه المرأة قامت بارضاعي أيضا في الحولين لكن والدتي كل ما تتذكر فقط مرتين اي رضعتين وعندما سألنا المرضعة اي زوجة عمي عن عدد الرضعات بالنسبة لي انا يعني الزوجة قالت لي انها لاتذكر اصل رضاعتي ولاعددها يعني عدد الرضعات يعني الوالدة لاتتذكر سوى مرتين والمرضعة لاتتذكر شيء وقد سألت انا مجموعة من النساء لعلهن شاهدن رضاعتي من هذه المرأة لكن قلن بانهن لايعلمن شيء عن هذه الرضاعة وقد سألت مجموعة من العلماء فقالو مادام لم يتبث خمس رضعات بالنسبة للزوجة فالزواج صحيح ارجو تفصيل في المسألة جزاكم الله خيرا ماذا أفعل مع هذا الشك ووجود هؤلاء الأبناء ارجو تعجيل الإجابة جزاكم الله خيرا

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فقد دلت السنة المشرفة على أن التَّحريم بالرضاع لا يكون إلا بِخَمس رضَعات مشبِعات في الحولَين، والمقْصود بالشِّبع هو تحقُّق حصول الخمس رضعات؛ لِمَا ثبَت في "صحيح مُسلم"، عن عائشة - رضي الله عنها - قالتْ: "كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتُوفِّي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وهنّ مما يتلى منَ القُرآن".

وفي الصحيح:  "لا تحرِّم المصَّة ولا المصَّتانوفى رواية: "لا تحرِّم الإملاجةُ والإملاجتانوفي رواية: "لا تحرِّم الرَّضعة والرَّضعتان"

قال في "المغني" في باب "الرَّضاع": "المسألة الأولى: أنَّ الذي يتعلَّق به التَّحريم خمس رضَعات فصاعدًا، هذا الصَّحيح من المذهب، قال: وهو مذهب الشافعي".

وقال أبو محمَّد بن حزْم في "المحلى": "مسْألةٌ: ولا يُحرِّمُ مِن الرَّضاعِ إلا خَمْسُ رَضَعاتٍ، تُقْطَعُ كُلُّ رَضْعةٍ من الأُخْرى، أوْ خَمْسُ مَصَّاتٍ مُفْتَرِقاتٍ كذلِكَ، أو خَمْسٌ ما بَيْنَ مَصَّةٍ ورَضْعةٍ، تُقطَعُ كُلُّ وَاحِدَةٍ من الأُخْرى، هذا إذا كَانَت المصَّةُ تُغْنِي شَيْئًا من دَفْعِ الجُوعِ، وإلاَّ فلَيْسَتْ شَيْئًا، ولا تُحرِّمُ شَيْئًا". اهـ.

فإذا وقع الشَّكُّ في عدد مرَّات الرَّضاع: هل هي أقل من خَمس أو خمس فأكثر - لَم يثبُتِ التَّحريم؛ لأنَّ الأصْل المتيقَّن عدم التَّحريم، ولأننا على يقين من رضاع المرتين وفي شك من الزائد، واليقين لا يزال بالشك.

قال ابن قدامة - رحِمه الله تعالى -: "وإذا وقع الشكُّ في وجود الرَّضاع أو في عدد الرَّضاع المُحَرِّم: هل كمل أو لا؟ لم يثبت التَّحريم؛ لأنَّ الأصل عدمُه، فلا نَزول عن اليقين بالشكِّ". اهـ.

قال الهيتمي الشَّافعي في "التحفة": "ولو شكَّ هل رضع خمسًا أو أقلَّ؟ أو هل رضَع في الحولين أم بعدُ؟ فلا تَحريم)؛ لأنَّ الأصل عدمه، ولا يَخفى الورعُ هنا، وحيث وقع الشَّكّ للكراهة حينئذٍ، كما هو ظاهر ما مرَّ: أنَّه حيثُ وُجِدَ خلاف يعتدُّ به في التَّحريم، وُجِدَت الكراهة، ومعلوم أنَّها ههنا أغْلظ؛ لأنَّ الاحتِياط هنا ينفي الريبة في الأبْضاع المختصَّة بمزيد احتياط، ثمَّ في المحارم المختصَّة باحتياط أعلى، فتأمَّلْه". اهـ.

قال الشوكاني في "نيل الأوطار" شارحًأ لحديث أم المؤمنين عائشة السابق: "قوله: "معلومات": فيه إشارة إلى أنَّه لا يثبُت حكم الرَّضاع إلا بعد العلم بعدَد الرضعات، وأنَّه لا يكفي الظنُّ؛ بل يرجع معه ومع الشَّك إلى الأصل وهو العدَم". اهـ.

وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة:

"الرَّضاع المشكوك فيه لا تأثير له، وإنَّما ينتشر التَّحريم بالرضاع المعلوم إذا كان خمس رضعات أو أكثر، في الحولين، فإذا لم يكن معلومًا، فالأصل الجواز". اهـ.

هذا؛ والله أعلم.