حكم الصلاة خلف إمام مقيم مع من طلقها ثلاث مرات

خالد عبد المنعم الرفاعي

إن كان الحال كما ذكرت أن هذا الإمام طلق زوجته ثلاثًا ومع ذلك يقيم عندها، فهو مرتكب لإثم عظيم، ويجب الإنكار عليه، ونصحه بالابتعاد عن تلك المرأة، وإن لم يرتدع عن ذلك تركت الصلاة خلفه إنكارًا عليه.

  • التصنيفات: أحكام الطلاق -
السؤال:

السلام عليكم هل يجوز الصلاة خلف امام طلق زوجته ثلاث مرات وما زالت عنده في بيته

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فقد أجمع العلماء أن من طلق زوجته الطلقة الثالثة لم تحل له حتى تنكح زوجًا غيره، وكان هذا من محكم القرآن الذي لم يختلف في تأويله؛ قال تعالى: { الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ* فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 229، 230].

وهذا من العلم العام الذي يشترك في معرفته كل مسلم عالم وجاهل، فلا يعذر أحد بجهله في تعمد مخالفة هذا الحكم.

وفي الصحيحين عن عائشة، قالت: جاءت امرأة رفاعة القرظي النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: كنت عند رفاعة، فطلقني، فأبت طلاقي، فتزوجت عبد الرحمن بن الزبير إنما معه مثل هدبة الثوب، فقال: "أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى تذوقي عُسيلته ويذوق عُسيلتك".

قال النووي في "شرح مسلم" (10/ 2)": 
" (لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عُسيلتك)، هو بضم العين وفتح السين تصغير عسلة، وهي كناية عن الجماع، شبه لذته بلذة العسل وحلاوته... شرح النووي على مسلم (10/ 3)

وفي هذا الحديث أن المطلقة ثلاثًا لا تحل لمطلقها حتى تنكح زوجًا غيره ويطأها ثم يفارقها وتنقضي عدتها فأما مجرد عقده عليها فلا يبيحها للأول وبه قال جميع العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم". اهـ.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (32/ 293):
"والله تعالى إنما حرم المرأة بعد الطلقة الثالثة عقوبة للرجل لئلا يطلق لغير حاجة؛ فإن الأصل في الطلاق الحظر؛ وإنما أبيح منه قدر الحاجة والحاجة تندفع بثلاث مرات".

وقال الإمام القرطبي في "تفسيره"(3/ 147):
"{فإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، وهذا مجمع عليه لا خلاف فيه. واختلفوا فيما يكفي من النكاح، وما الذي يبيح التحليل... وذهب الجمهور من العلماء والكافة من الفقهاء إلى أن الوطء كاف في ذلك، وهو التقاء الختانين الذي يوجب الحد والغسل، ويفسد الصوم والحج ويحصن الزوجين ويوجب كمال الصداق".

إذا تقرر هذا؛ فإن كان الحال كما ذكرت أن هذا الإمام طلق زوجته ثلاثًا ومع ذلك يقيم عندها، فهو مرتكب لإثم عظيم، ويجب الإنكار عليه، ونصحه بالابتعاد عن تلك المرأة، وإن لم يرتدع عن ذلك تركت الصلاة خلفه إنكارًا عليه،، والله أعلم.