زوجي لايصلي أبدًا ماذا أفعل ؟

خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله. أنا سيدة متزوجة في بريطانيا منذ 15 سنة ولدي 4 أطفال . خلال كل هذه الفترة (15 سنة) لم أر زوجي يركع لله ركعة فهو لايصلي مطلقا لا الفرائض ولا الجمعة ولا يذهب للمسجد أبدا. نصحته مرات ومرات و هددته بأن نتركه لكن لاجدوى. هو كل مرة أضغط عليه يقول ان شاء الله سأبدأ قريبا لكن دائما يخلف وعده. سؤالي هل علي اثم في البقاء مع زوج لا أمل في اصلاحه فهو تعدى الستين من عمره ولا يزال مستكبرا عن السجود لله و أنا أخاف أن يتأثر الأولاد به فيصبحوا مثله أو يقللون من شأن الصلاة. أفيدوني جزاكم الله خيرا

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

ففقد دلت الشريعة الإسلامية على أن الصلاة أعظم فريضة بعد إخلاص الدين لله، وأن الصلاة كالإيمان بالله، حيث لا تدخلها النيابة، ولا تسقط بحال كما لا يسقط الإيمان ما دام عقله حاضرًا، وهو متمكن من فعل بعض أفعالها، وقد سماها الله إيمانًا. أيضًا فإن الله تعالى أمر بقتال الكفار، وعلق العفو عنهم وتخلية سبيلهم على التوبة من الشرك وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة؛ وقال عز وجل: { فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [التوبة: 5]، وعلق الأخوة الإيمانية بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة؛ كما في قوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة: 11]، في الصحيحين عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله"، ومثله قوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (10/ 439-440):

"فإن الصلاة داخلة في مسمى الإيمان بالله، ولهذا كانت الصلاة كالإيمان؛ كما دخلت في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ}[البقرة: 143]، قال البراء بن عازب وغيره من السلف: أي صلاتكم إلى بيت المقدس، ولهذا كانت الصلاة كالإيمان لا تدخلها النيابة بحال، فلا يصلي أحد عن أحد الفرض لا لعذر ولا لغير عذر، كما لا يؤمن أحد عنه، ولا تسقط بحال كما لا يسقط الإيمان؛ بل عليه الصلاة ما دام عقله حاضرًا وهو متمكن من فعل بعض أفعالها، فإذا عجز عن جميع الأفعال ولم يقدر على الأقوال فهل يصلي بتحريك طرفه ويستحضر الأفعال بقلبه؟ فيه قولان للعلماء". اهـ.

 ولذلك كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئًا من الأعمال في تركه كفر إلا الصلاة، كما قال عبد الله بن شقيق، وقد دلَّ الكتاب والسنة وإجماعُ السلف مِن الصحابة والتابعين على كفرِ مَن ترَكَ الصلاةَ تكاسلًا أو تشاغلًا عنها، حتى قال شيخُ الإسلام ابن القيِّم في كتاب "الصلاة وأحكام تاركها" (ص: 49): "لا يصرُّ على ترك الصلاة إصرارًا مستمرًّا مَن يصدِّق بأن اللهَ أمر بها أصلًا؛ فإنَّه يستحيل في العادة والطبيعة أن يكون الرجل مصدِّقًا تصديقًا جازمًا أن الله فرض عليه كلَّ يومٍ وليلةٍ خمسَ صلوات، وأنَّه يُعاقبه على ترْكِها أشدَّ العقاب - وهو مع ذلك مُصرٌّ على ترْكِها، هذا من المستحيل قطعًا، فلا يحافظ على ترْكِها مصدِّق بفرضِها أبدًا، فإن الإيمان يأمُرُ صاحبَه بها، فحيث لم يكُنْ في قلبِه ما يأمر بها، فليس في قلبه شيءٌ مِن الإيمان، ولا تصغِ إلى كلام مَن ليس له خبرة ولا علم بأحكام القلوب وأعمالها، وتأمل في الطبيعة بأن يقومَ بقلب العبد إيمانٌ بالوَعد والوعيد، والجنة والنار، وأن الله فرض عليه الصلاةَ، وأن الله يعاقبُه معاقبة على تَرْكِها، وهو محافظ على التَّرْك في صحته وعافيتِه، وعدم الموانع المانعة له من الفعل". اهـ.

فإن كان زوجك غيرَ قابل لتعديل سلوكِه، كما ذكرتِ، فاطلبي الطلاق أو الخلع، فقد قال سبحانه وتعالى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} [النساء: 130]. ومن المعلوم أنَّ الحياة مع زوجٍلا يصلي يؤثِّر سلبًا على الزوجة والأبناء، فلا يُؤمَن أن يتأثروا بزوجها،، والله أعلم.