حكم صلاة من لم يتوضأ من خروج المني
خالد عبد المنعم الرفاعي
السلام عليكم انا كنت اجهل وجوب الوضوء عند خروج المني بلا شهوه ولكن اعرف بحكم الغسل ولم اتعمق بالموضوع لانني بعمر صغير فهل علي اعاده الصلوات وحتى ان كنت اغتسل لكل واحده
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإن كان الحال كما ذكرت أنك لم تتوضأ من خروج المني، ولكن تغتسل لخروجه فهو مجزئ لك، فالراجح من قولي أهل العلم أن الغسل يُجزء عن الوضوء، فإنه قد صحَّ عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم – أنه كان الله لا يتوضَّأ بعد الغسل، والقرآن الكريم قد دلّ على أن الجنُب لا يَجب عليه إلاَّ الاغتِسال فقط؛ قال الله تعالى: {وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وهو - سبحانه - أمرَنا بالطَّهارتَين الصُّغرى والكبرى، وبالتيمُّم عن كلٍّ منهُما؛ فقال: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا} [المائدة: 6]، فأمر بالوضوء، ثم قال: {وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6]، فأمر بالتطهُّر من الجنابة، كما قال في المحيض: {وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 222]، وقال في سورة النساء: { وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: 43]، وهذا يبيِّن أنَّ التطهُّر هو الاغتِسال.
والقرآن يدلُّ على أنَّه لا يَجب على الجنُب إلاَّ الاغتِسال، وأنَّه إذا اغتسل جازَ له أن يقْرب الصَّلاة، والمغتسِل من الجنابة ليْس عليْه نيَّة رفْع الحدَث الأصْغر؛ كما قال جمهور العلماء، والمشْهور في مذهب أحمد: أنَّ عليْه نيَّة رفع الحدَث الأصغر، وكذلك ليْس عليْه فعل الوضوء، ولا ترْتيبٌ، ولا موالاة، عند الجمهور، وهو ظاهر مذْهب أحمد.
وقيل: لا يرتفِع الحدث الأصْغر إلاَّ بهما، وقيل: لا يرتفِع حتَّى يتوضَّأ، رُوي ذلك عن أحمد.
والقُرآن يقتضي أنَّ الاغتسال كافٍ، وأنَّه ليس عليه بعد الغُسل من الجنابة حدثٌ آخَر؛ بل صار الأصْغَر جزءًا من الأكبر، كما أنَّ الواجب في الأصْغر جزءٌ من الواجب في الأكْبر؛ فإنَّ الأكبر يتضمَّن غسْل الأعضاء الأربعة، ويدلُّ على ذلك قولُ النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - لأم عطيَّة واللَّواتي غسَّلن ابنتَه: ((اغسلْنها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر من ذلك، إن رأيتُنَّ ذلك، بماء وسدر، وابدأْنَ بِميامِنِها ومواضع الوضوء منها))، فجعل غَسْل مواضع الوضوء جزءًا من الغُسْل، لكنَّه يقدَّم كما تقدَّم الميامن.
وكذلك الَّذين نقلوا صفة غسلِه؛ كعائشة - رضي الله عنْها - ذكرتْ أنَّه: "كان يتوضَّأ ثمَّ يُفيض الماءَ على شعره، ثمَّ على سائر بدنه"، ولا يقصد غسْل مواضع الوضوء مرَّتين، وكان لا يتوضَّأ بعد الغسل.
فقد دلَّ الكتاب والسنَّة على أنَّ الجنُب والحائض لا يغسِلان أعضاء الوُضوء ولا ينوِيان وضوءًا، بل يتطهَّران ويغتسِلان كما أمر الله تعالى، وقوله: {فَاطَّهَّرُوا} أَراد به الاغتسال". اهـ.
وعليه، فصلاتك بالغسل فقط بغير وضوء صحيحة،، والله أعلم.