التفصيل في قضاء الصيام

خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال:

لم أصوم أيام افطرتها في رمضانات كثير منذ ان بلغت و انا الآن عمري ٢٦ عامًا و حسبت الأيام بالتقريب و اضفت لهم زيادة لمنع الشك و اصبحوا ٣ أشهر ، صمت منهم ١٢ يومًا و قلت انني سأصوم الباقي على فترات و لكن لم أكن اعلم أنني يجب أن اقضيهم قبل ان ياتي رمضان المقبل ، و لم اكن اعلم قبل ذلك أنني يجب عليَّ الإطعام إذا لم اقضِ الأيام قبل رمضان المقبل ماذا أفعل ؟

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فإن كان الإفطار في رمضان من غير عذر من مرض أو سفر أو حيض أو نفاس، فهذا لا يمكن قضاؤه ولا يقبل إذا فعله، ولا سبيل له إلى استدراكه، وإنما يجب لمن تعمد الإفطار بغير عذر التوبة النصوح، والإكثار من النوافل.

وهو ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال في "جامع المسائل" (7/ 227):

"وإذا تعمَّد تفويتَ الصلاة والصيام، مع علمه بالوجوب، فهذا فعلُه من الكبائر، لا يَسْقُط عنه العقابُ ولو قضاه إلا بالتوبة، لكن هل يَخِفُّ عنه؟ فيه قولان، والأظهر أن القضاء لا ينفعه، وإنما تنفعه التوبة، وإذا تاب تاب الله". اهـ.

وقد بين الإمام ابن القيم سبب عدم مشروعية قضاء العبادات المؤقتة إلا بأمر جديد من الشارع فقال في كتابه "الصلاة وأحكام تاركها" (ص: 70-71): "أوامر الرب تبارك وتعالى نوعان: نوع مطلق غير مؤقت فهذا يفعل في كل وقت، ونوع مؤقت بوقت محدود وهو نوعان: أحدهما ما وقته بقدر فعله كالصيام.

 والثاني: ما وقته أوسع من فعله كالصلاة، وهذا القسم فعله في وقته شرط في كونه عبادة مأمورا بها فإنه إنما أمر به على هذه الصفة فلا تكون عبادة على غيرها، قالوا: فما أمر الله به في الوقت فتركه المأمور حتى فات وقته لم يمكن فعله بعد الوقت شرعًا وإن أمكن حسًا، بل لا يمكن حسًا أيضًا؛ فإن إيتائه بعد الوقت أمر غير المشروع.  

قالوا ولهذا لا يمكن فعل الجمعة بعد خروج وقتها، ولا الوقوف بعرفة بعد وقته، قالوا: ولا مشروع إلا ما شرعه الله ورسوله، وهو سبحانه ما شرع فعل الصلاة والصيام والحج إلا في أوقات مختصة بها، فإذا فاتت تلك الأوقات لم تكن مشروعة، ولم يشرع الله سبحانه فعل الجمعة يوم السبت، ولا الوقوف بعرفة في اليوم العاشر، ولا الحج في غير أشهره.

وأما الصلوات الخمس فقد ثبت بالنص والإجماع أن المعذور بالنوم والنسيان وغلبة العقل يصليها إذا زال عذره، وكذلك صوم رمضان شرع الله سبحانه قضاءه بعذر المرض والسفر والحيض". اهـ.

أما إن كان الإفطار بعذر فقد اتَّفَق العلماءُ على وُجُوب القضاءِ على كلِّ مَن أفطر في رمضان لعُذْر شرعيٍّ؛ مِنْ مرَضٍ، وغيره - إن كان قادرًا على الصيام، فإن كان تأخير القضاء لعُذر مقبولٍ شرعًا؛ كالمرض، ونحوه، فلا يجب إلا القضاءُ، وإن كان تأخيرُ القضاء بدون عُذرٍ، فيجب التوبةُ إلى الله - تعالى - توبةً نصوحًا، من تأخير القضاء وتجب الكفارةَ وهي إطعامُ مسكينٍ، وهو مذهب الجمهورُ،، والله أعلم.