رؤية مفاتن المحارم والعكس

خالد عبد المنعم الرفاعي

فإن عورة المرأة أمام محارمها كالأخ والأب والابن وغيرهم، هو جميع بدنها إلا ما يظْهر منها عادةً في العمل داخل البيت، من الوجْه، واليديْن، والقدمين، والسَّاقين، والرَّأس، والشَّعْر، والعنق، فلا يجوز النظر إلى ما سوى ذلك.

السؤال:

هل للمحارم حقوق على الرجل بأن يروا مفاتنه -ساقيه وشيء من صدره- وهو أن يرى كذلك -رأس الكتف وساقيهما- علماً أنه سيكون ذلك كله ضمن حدود الشرع أي سيلبس الرجل أو المرأة البنتكور والشيال لا أكثر من ذلك؟ وكذلك شيئاً من الزينة أو شيء من قبيل ذلك..

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فالذي يظهر أن الأخ السائل يسأل عن عورة المرأة أمام محرمها، وعورة الرجل أمام محارمه من النساء، فإن كان كذلك، فإن عورة المرأة أمام محارمها كالأخ والأب والابن وغيرهم، هو جميع بدنها إلا ما يظْهر منها عادةً في العمل داخل البيت، من الوجْه، واليديْن، والقدمين، والسَّاقين، والرَّأس، والشَّعْر، والعنق، فلا يجوز النظر إلى ما سوى ذلك، وهو مذهب المالكيَّة والحنابلة على المعتمَد، ووجْه عند الشافعيَّة.

واستدلَّ أهْلُ العِلم بما رُوِي عن أنس - رضيَ الله عنْه -: أنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أتى فاطمة بعبدٍ قد وَهَبَه لها، قال: وعلى فاطمة - رضِيَ الله عنها - ثوبٌ إذا قَنَعَت به رأسَها لَم يبلغ رِجْلَيْها، وإذا غطَّت به رِجْلَيْها لم يبلغ رأْسَها، فلمَّا رأى النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ما تلْقى قال: "إنَّه ليس عليكِ بأسٌ؛ إنَّما هو أبوكِ وغلامكِ"؛ رواه أبو داود وصححه الألباني في الإرواء.

أما عورة الرجل أمام محارمه من النساء فهو ما بين السرة والركبة؛ لما روى أحمد وأصحاب السنن عن معاوية بن حيدة القشيري قلت يا رسول الله: عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: "احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك"، قال: قلت: يا رسول الله، إذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال: "إن استطعت أن لا يرينها أحد فلا يرينها"، قال: قلت: يا رسول الله إذا كان أحدنا خاليًا؟ قال: "الله أحق أن يستحيا منه من الناس".

وعورة الرجل ما بين السرة والركبة كما جاء مصرحًا به في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا: "إذا زوج أحدكم جاريته عبده أو أجيره، فلا ينظر إلى ما دون السرة والركبة فإنه عورة "رواه أحمد وأبو داود، وليس عند أبى داود " فإنه عورة "، وروى الدراقطني بلفظ: "ما بين السرة والركبة عورة"، وصحّ عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - "أن الفخذ عورة".

هذا؛ والشارع الحكيم حذر من التساهل في إظهار العورات أمام المحارم خشية أن يفتح باب من أبواب الشر، ومن ثم وضع سبحانه حدودًا وضوابط، وصدق الله العظيم إذ يقول: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [النساء: 176]، أي:  يبين الله لكم بأن لا تضلوا، ولئلا تضلوا؛ وأسقطت لا من اللفظ لدلالة الكلام عليها،، والله أعلم.