متى يكفر من لبس الصليب؟
خالد عبد المنعم الرفاعي
فلبس شعار الكفار محرم على كل حال، ومنكر عظيم، ولكن لا يكفر إلا إذا رضي بدينهم.
- التصنيفات: العقيدة الإسلامية - فقه الملبس والزينة والترفيه -
السلام عليكم ورحمة الله . سؤالي هو هل يقع الكفر على من يلبس لباس فيه صليب مع علمه بوجوده في ذلك اللباس وعلمه بانه شعار النصارى ولكن بدون اعتقاد ه به وان كان الجواب بلا فمتى يقع الكفر على من يلبس لباس فيه الصليب الرجاء التفاصيل ان امكن وحزاكم الله خيرا
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فلا يجوز للمسلم لبس الصليب، بل المشروع في حقه هو نقضه وإزالته تأسيًا برسول الله يأثم الرجل؛ ففي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم "لم يكن يترك في بيته شيئا فيه تصاليب إلا نقضه"، وروى مسلم عن عبد الله بن عمرو قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم علي ثوبين معصفرين، فقال: "إن هذه ثياب الكفار فلا تلبسها".
وفي الصحيح عن أبي عثمان، قال: كتب إلينا عمر ونحن بأذربيجان: "يا عتبة بن فرقد وإياكم والتنعم، وزي أهل الشرك، ولبوس الحرير".
فلبس شعار الكفار محرم على كل حال، ومنكر عظيم، ولكن لا يكفر إلا إذا رضي بدينهم، أو لبسه تبركًا، أو أحب دينهم، أو رضي به، أو والاهم، ومن ثم فإنه يخشى على من لبس الصليب أن يزول عنده إنكار القلب، وأن يؤدي التشبه في الظاهر إلى المشابهة في الباطن.
قال شيخ الإسلام في "اقتضاء الصراط المستقيم"(1/ 552):
"مشابهتهم فيما ليس من شرعنا قسمان:
أحدهما مع العلم بأن هذا العمل هو من خصائص دينهم؛ فهذا العمل الذي هو من خصائص دينهم إما أن يفعل لمجرد موافقتهم -وهو قليل- وإما لشهوة تتعلق بذلك العمل، وإما لشبهة فيه تخيل أنه نافع في الدنيا أو الآخرة، وكل هذا لا شك في تحريمه، لكن يبلغ التحريم في بعضه إلى أن يكون من الكبائر، وقد يصير كفرًا بحسب الأدلة الشرعية". اهـ.
وسُئلت اللجنة الدائمة (2/ 119) فتوى رقم (2245):
"اختلفنا في المسلم الذي يلبس الصليب شعار النصارى، فبعضنا حكم بكفره بدون مناقشة، والبعض الآخر قال: لا نحكم بكفره حتى نناقشه ونبين له تحريم ذلك وأنه شعار النصارى فإن أصر على حمله حكمنا بكفره؟
فأجابت: "التفصيل في هذا الأمر وأمثاله هو الواجب، فإذا بين له حكم لبس الصليب، وأنه شعار النصارى، ودليل على أن لابسه راض بانتسابه إليهم، والرضا بما هم عليه وأصر على ذلك حكم بكفره؛ لقوله عز وجل: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}، والظلم إذا أطلق يراد به: الشرك الأكبر.
وفيه أيضا إظهار لموافقة النصارى على ما زعموه من قتل عيسى عليه الصلاة والسلام، والله سبحانه قد نفى ذلك وأبطله في كتابه الكريم حيث قال عز وجل: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} الآية". اهـ.
هذا؛ والله أعلم.