هل يجوز للزوجة رفض الجماع إذا شعرت بالتعب
خالد عبد المنعم الرفاعي
زوجي يطلب جماعي من مرتين إلى ثلاث مرات وربما تصل إلى أربع مرات في اليوم ، صار لنا متزوجين من سنتين ولدينا طفل أوشك أن يبلغ العام .. متطلباته كثيرة ومتعبة جدا وأشعر بالإرهاق معظم الوقت ... وكنت ارفض قبلا الجماع اذا كنت تعبانة ولكني اكتشفت مؤخرا أن زوجي يشاهد أفلاما اباحية ولا أعلم منذ متى .. فضغطت على نفسي أن اتحمل التعب ولا ارفض الجماع حتى أعفه ويبتعد عن هذه العادة ولكني حقيقي أتعب كثيرا من مهام البيت وكثرة الجماع وأصبحت أشعر بالوهن .. ماذا أفعل ؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فالواجِب على المرْأة أن تمكِّن زوْجَها من الاستِمْتاع بِها كلَّما أراد، ولكن بقَدرِ قدرتها، إلا إذا كانت تتضرر من كثرة الجماع، فلا يجوز له أن يلحق بها الضرر، ولها حينئذ أن تمتنع عن إجابته؛ لأن الشارع الحكيم أمر كلا الزوجين بمعاشرة الآخر بالمعروف، قال - تعالى -: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19]، وقال - سبحانه -: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ } [البقرة: 228]، فأوجب الله على الزوج إعفاف زوجته على قد طاقته، وكذلك الحال بالنسبة للزوجة ينبغي عليها تمين زوجها قدر استطاعتها، ما لم يشغلها عن الفرائض أو يضر بها، فلا يجوز للزوج أن يحمل امرأته ما لا طاقة لها به من الجماع، فإذا كانت معذورة لمرض، أو عدم تحمل لم تأثم من رفضها للجماع.
قال المرداوي في "الإنصاف"(8/ 347)
"قال أبو حفص، والقاضي: إذا زاد الرجل على المرأة في الجماع، صولح على شيء منه؛ وروى بإسناده عن ابن الزبير: أنه جعل لرجل أربعًا بالليل، وأربعًا بالنهار، وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أنه صالح رجلاً استعدى على امرأة على ستة؛ قال القاضي: لأنه غير مقدر، فقدر، كما أن النفقة حق لها غير مقدرة، فيرجعان في التقدير إلى اجتهاد الحاكم". اهـ.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (5/ 481):
"ويجب على الزوج وطء امرأته بقدر كفايتها ما لم ينهك بدنه أو تشغله عن معيشته، غير مقدر بأربعة أشهر كالأمة، فإن تنازعا فينبغي أن يفرضه الحاكم كالنفقة وكوطئه إذا زاد". اهـ.
وقال أبو محمد بن حزم في "المحلى"(9/ 175):
"وفرض الأمة والحرة أن لا يمنعا السيد والزوج الجماع متى دعاهما، ما لم تكن المدعوة حائضًا، أو مريضة تتأذى بالجماع، أو صائمة فرض، فإن امتنعت لغير عذر، فهي ملعونة". اهـ.
إذا تقرر هذا فاخبري زوجك أنه يجب عليه شرعًا أن يراعي أحوالك وقدر طاقتك في الجماع، وألا يضر بك، وأن يتفقَّد أحوالك، وحالتك النفسية والبدنية قبل الجماع، فهذه المسألة تتطلَّب وضوحًا وصراحة وتعاون بين الزوجين،، والله أعلم.