هل أخبر خطيبي بالماضي الأليم؟
خالد عبد المنعم الرفاعي
فلا يجوز لك أن تخبري خطيبك بمعصيتك، وتذكري أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وما تشعرين به هو من تلبيس الشيطان عليك ليفسد حياتك وتسوء سمعتك، فاحذري من خطوات الشيطان.
- التصنيفات: موضوعات متنوعة -
السلام عليكم انا فتاة مخطوبة قبل ما نخطب كنت في علاقة مع شاب وقمنا ببعض المحرمات ليس الزنى و قد تبت و الحمد لله ضميري يانبني كثيرا هل علي اخبار خطيبي او انسى كل هذا لا أستطيع النوم من التفكير
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فمَن ابتُلي بشيء من المعاصي ثمَّ وفقه الله تعالى للتوبة تاب الله عليه، وبدَّل سيئاته حسنات، مهما كان ذنبُه، ومهما عَظُمَ جُرمه، حتى الشرك والكفر والنفاق؛ كما قال سبحانه: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: 68 - 70]، وقال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ * وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [هود: 114، 115].
ومن قواعد الشريعة الغراء أن المسلم مطالب أن يستر على نفسه، ولا يحدث بذنبه، حتى إن سُئل عنها أنكر، وهو ما أرشد إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ففي الصحيح جاء "ماعز" يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: "طهِّرني"، قال له: ((ويحَك، ارجع فاستغفر الله وتُب إليه))، وهو ما نصَحه به الصدِّيق الأكبر أبو بكر الصديق والفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قالا له: "تب إلى الله، واستتر بستْر الله، فإن الله يقبل التوبة عن عباده".
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (12 / 124 - 125): "ويؤخذ مِن قضيته أنه يُستحبُّ لمن وقع في مثل قضيته أن يتوب إلى الله تعالى، ويَستر نفسه، ولا يذكر ذلك لأحد؛ كما أشار به أبو بكر وعمر على ماعز، وأنَّ مَن اطَّلع على ذلك يَسترُ عليه بما ذكرنا، ولا يَفضحُه، ولا يرفعه إلى الإمام؛ كما قال صلى الله عليه وسلم في هذه القصة: ((لو سترتَه بثوبك لكان خيرًا لك))، وبهذا جزم الشافعي رضي الله عنه فقال: أحبُّ لمَن أصاب ذنبًا فستَره الله عليه أن يَستره على نفسه ويتوب، واحتجَّ بقصة ماعز مع أبي بكر وعمر".
وروى أحمد في المسند عن عمر أنه قال في قصة الرجل الذي أخذ امرأة في البستان، وفعل بها كل شيء غير أنه لم يجامعها، فقال: "لقد ستَر الله عليه لو ستَر على نفسه".
وفي المستدرك عن ابن عمر أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قام بعد رجمه الأسلمي فقال: ((اجتنبوا هذه القاذورات التي نَهى الله عنها، فمَن ألمَّ بشيء منها فليَستتِر بستْر الله، وليَتُب إلى الله)).
أيضًا فإن عدم ستر المؤمن على نفسه واعترافه بالذنب، مِن المجاهرة التي تَجلب البلايا والعلل، كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((كلُّ أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملًا ثم يُصبح - وقد ستره الله - فيقول: يا فلان، عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يَستُرُه ربه، ويُصبح يكشف ستر الله عنه)).
إذا تقرر هذا، فلا يجوز لك أن تخبري خطيبك بمعصيتك، وتذكري أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وما تشعرين به هو من تلبيس الشيطان عليك ليفسد حياتك وتسوء سمعتك، فاحذري من خطوات الشيطان،، والله أعلم.