ما حكم من كان نصرانيا وأسلم ولكنه لم ينطق الشهادتين في وقت واحد؟
خالد عبد المنعم الرفاعي
إذا تقرر هذا، فإسلام هذا الرجل صحيحًا ويجوز الترحم عليه، وعقيدة أهل السنة أنه لا يقطع لمعين بجنة ولا نار إلا ما ورد فيه النص، أو شهد له المؤمنون.
- التصنيفات: أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة -
يوجد شخص أعجمي كان مسيحياً لكنه امن باله واحد وامن بالنبي (صلى الله عليه وسلم) ولفظ الشهادة بلغته لكنه لفظها منفصلة أي قال في مرة من المرات انه يؤمن باله واحد وهو الله لكنه قالها بلغته وبعدها قال انه يؤمن ان سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) رسول الله فهل يكون مسلماً بذلك ؟ علماً انه قال بعض الكلام بين الجملتين (الشهادتين)، وهل يجوز الترحم عليه لأنه توفى؟ وهل يكون مصيره الجنة أم النار؟ بالإضافة الى انه كان يقوم بأعمال خيرية وأعمال جيدة وصالحة.
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فقد دلَّ الكتاب والسنة والإجماع على أن كل من أظهر الإسلام والتوبة من الكفر قُبِل ذلك منه، وشهد شهادة الحق، وقد دخل في الإسلام أمم من الروم والفرس والديلم والقبط ونحوهم، مما لا يعرف لغة العرب فضلاً عن معنى الشهادتين؛ ولم يتوقف أحد أو يتردد في الحكم بإسلامهم؛ ثم يعرفوا بمعناها ومقتضاها، ومن يأتى بما ينقضها بعد هذا التعليم والتعريف؛ فهو كافر مرتد.
وفي " الصحيحين ابن عمر - رضي الله عنه - قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني جذيمة، فدعاهم إلى الإسلام، فلم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا، فجعلوا يقولون: صبأنا صبأنا، فجعل خالد يقتل منهم ويأسر، ودفع إلى كل رجل منا أسيره، حتى إذا كان يوم أمر خالد أن يقتل كل رجل منا أسيره [ص:161]، فقلت: والله لا أقتل أسيري، ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره، حتى قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم فذكرناه، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يده فقال: «اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد مرتين»
وهو ظاهر في أن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حكم بإسلامهم وتبرأ من فعل خالد، وقد ذكره مجد الدين ابن تيمية في "المنتقى" في باب الحكم بإسلام من كنى مع النية.
قال أبو بكر ابن المنذر في - "الإقناع" (2/ 588) -: "أجمع كلُّ مَن أحفظ عنه من أهل العلم على أن الكافر إذا شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن كل ما جاء به محمد حقٌّ، ويتبرأ مِن كلِّ دين خالف دين الإسلام - وهو بالغ صحيح يعقل - أنه مسلم، فإن رجع بعد ذلك فأظهر الكفر؛ كان مرتدًّا يجب عليه ما يجب قتله إذا لم يتب". اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في – "درء تعارض العقل والنقل" (8/ 7) -: " والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يدع أحداً من الخلق إلى النظر ابتداءً، ولا إلى مجرد إثبات الصانع، بل أول ما دعاهم إليه الشهادتان، وبذلك أمر أصحابه؛ كما قال في الحديث المتفق على صحته لمعاذ بن جبل - رضي الله عنه - لما بعثه إلى اليمن، قال له: ((إنك ستأتي قومًا أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، فإنْ هم أطاعوا لذلك، فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمسَ صلواتٍ في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك، فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقةً تُؤخَذ من أغنيائهم فتردُّ على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لذلك، فإيَّاك وكرائم أموالهم، واتقِ دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينه وبين الله حجاب)).
وكذلك سائر الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - موافقه لهذا؛ كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة، وابن عمر: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم، وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله)).
وفي حديث ابن عمر: ((حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة))
وهذا مما اتفق عليه أئمة الدين، وعلماء المسلمين، فإنهم مُجمِعُون على ما عُلِم بالاضطرار من دين الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن كلَّ كافرٍ فإنه يُدعَى إلى الشهادتين، سواء كان معطلًا، أو مشركًا، أو كتابيًّا، وبذلك يصير الكافر مسلمًا، ولا يصير مسلمًا بدون ذلك". اهـ
إذا تقرر هذا، فإسلام هذا الرجل صحيحًا ويجوز الترحم عليه، وعقيدة أهل السنة أنه لا يقطع لمعين بجنة ولا نار إلا ما ورد فيه النص، أو شهد له المؤمنون، وإنما يرجى له الجنة والمغفرة،، والله أعلم.