تكبير الصدر

خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال:

انا فتاه ابلغ من العمر ٢٤ غير متزوجه فقدت وزن كبير واصبح بطني وصدري مترهل واخجل من فكرت الزواج هل يجوز اعمل عملية نفخ صدر لتعديل الشكل اثر فقدان الوزن الكبير

الإجابة:

الحمد لله، والصَّلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومَن وَالاَه، وبعد:

فقد سبق أن بينا أنَّ عمليات التجميل الجائزة هي ما كانت لإزالة العيب الناتج عن مرض أو حادثٍ أو حريق أو إزالة عيوب خلقية ولد بها الشخص، أو غير ذلك مما يشين العضو أو يقلل منافعه أو يصيب صاحبه بالحرج الشديد، وهذا النوع من العمليات لا بأسَ به، ولا حَرَج فيه؛ لعموم الشريعة القاضية بأن الضرر يزال، وأن الضرورات تبيح المحظورات، ولحديث عَرْفَجَة بن أسعد: ((أنه أُصِيبَ أنفُه يوم الكُلاَب في الجاهليَّة - يومٌ وَقَعَتْ فيه حربٌ في الجاهليَّة - فاتَّخَذَ أنفًا من وَرِق - أي فضَّة - فأنتن عليه، فأمَرَهُ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يَتَّخِذَ أنفًا مِن ذَهَب))؛ رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وحسَّنه الشيخ الألباني في "إرواء الغليل".

أما ما يحرم من عمليات التجميل هو ما كان لزِيادة الحُسْن، وليسَ لإزالة العيب؛ لحديث عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: لعن الله الواشمات والموتشمات، المُتَنَمِّصات، والمُتَفَلِّجات للحُسن، المغيرات خلق الله"، فقالت أم يعقوب: ما هذا؟ قال عبد الله: "وما لي لا ألعن من لعن رسول الله، وفي كتاب الله؟".

قالت: والله لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدته، قال: "والله لئن قرأتيه لقد وجدتيه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا }[الحشر: 7].

 وقد أخبر الله تعالى في كتابه عن توعد الشيطان بالإنسان وأغوائهم بتغيير الخلقة، قال الله تعالى: { إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا} [النساء: 117] إلى قوله تعالى: {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا} [النساء: 119]. وهذا يتناول تغيير الخلقة الظاهرة طلبا لزيادة الحسن، ويتناول أيضًا تغيير الخلقة الباطنة من التوحيد إلى الشرك والكفر والفسوق والعصيان.

جاء في "شرح النووي على مسلم" (14/ 107):

"وأما قوله المتفلجات للحسن، فمعناه يفعلن ذلك طلبًا للحسن، وفيه إشارة إلى أن الحرام هو المفعول لطلب الحسن، أما لو احتاجت إليه لعلاج أو عيب في السن ونحوه فلابأس والله أعلم". اهـ.

والحاصل أن مناط التحريم هو زيادة الحسن، وكون العضو في حدود الخلقة المعهودة، وأن مناط الإباحة ما كان لإزالة الضرر.

جاء في كتاب "أحكام جراحة التجميل في الفقه الإسلامي" للدكتور محمد عثمان شبير - في معرض كلامه عن القواعد والضوابط المتعلقة بأحكام جراحة التجميل -: "ألا يكون فيها تغيير للخلقة الأصلية المعهودة، فلا يجوز تغيير هيئة عضو من الأعضاء بالتصغير أو التكبير، إذا كان ذلك العضو في حدود الخلقة المعهودة". اهـ.

وعليه؛ فإن كانت الترهلات الناتج عن الحمية الغذائية قد غيرت شكل الصدر، بحيث خرج عن شكله الطبيعي، أو كان الترهل شديدًا وملفتًا، أو مؤذيًا نفسيًا، أو يضر بك ضررًا يشق تحمله-: فلا بأس بشد الصدر وإعادته لحالته الطبيعية؛ من باب إزالة الضرر، وهو من جراحة التجميل الضرورية أو الحاجية.

 أما إن كانت الترهل بسيطًا وعاديًا، وإجراء العملية لمجرد التجمل واختيار الحجم الذي يناسب الذوق ليس إلا، فعندئذ يحرم شد الصدر أو تعديله، وهو من تغيير خلق الله،، والله أعلم.