حكم نزول الكدرة والصفرة قبل دم الحيض الصريح

خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال:

قبل نزول دم الحيض الصريح والوجع الشديد بيكون في ٣ او ٤ ايام بينزل فيهم لون بني او اصفر وساعات معاه تعريقة دم ووجع خفيف هل هذه الايام تصح فيها الصلاة والصوم والجماع؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

إن كان الحال كما ذكرت فما ينزل عليك قبل الحيض ليس من الدورة الشهرية؛ لما في ثبت عند البخاري وغيرِه عن أمّ عطية - رضي الله عنها - قالت: "كنَّا لا نعدُّ الكدرة والصفْرة شيئًا".

زاد أبو داود: "بعد الطهر".

وقد بوَّب البخاري بما يقتضي هذه الزّيادة، فقال: "باب الصفرة والكدرة في غير أيَّام الحيض".

ومراد أمّ عطية: أنَّ ذلك كان في زمَن النَّبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم - مع اطِّلاعه عليه وتقْريره له، وعلى هذا يكون الحديث له حكْم الرفع، كما نبَّه على ذلك الحافظ ابن حجر في فتح الباري، والحديث يدلُّ بمنطوقِه على أنَّ الصفرة والكدرة في زمَن الطهر ليستا حيضًا، كما يدلُّ بمفهومِه على أنَّهما في زمن الحيض حيض؛ ويدعم هذا المفهوم ما رواه مال في الموطَّأ، وأخرجه البخاري في ترجمة باب عن مرجانة - مولاة عائشة - قالت: "كان النساءُ يَبْعَثْنَ إلى عائشة بالدُّرْجةِ فيها الكُرْسُفُ، فيه الصُّفرَة من دم الحيضة، يَسألْنَها عن الصلاة، فتقول لهن: لا تَعجَلْنَ حتَّى تَرَينَ القَصَّة البيضاءَ - تريد بذلك الطهر من الحيضة".

فالمرأة إذا طهرتْ ورأت الطهر المتيقَّن من الحيْض، برؤية القصَّة البيضاء، وهو ماء أبيض تعرفه النساء، أو بالجفوف، وهو خروج القطنة غير ملوَّثة بالدماء - فما بعد الطهر من كدْرة أو صفْرة، أو نقطة أو رطوبة، فهذا كلُّه ليس بحيض، حتى ترى الحيض المعروف.

أيضًا فإن دم الحيض تميزه النساء وهو أسود ثخين محتدم له رائحة ويولِّد للمرأة آلاماً، فتعرفه النساء بالتمييز فما كان موافقاً لهذه المواصفات فهو حيض، وما خالف فهو استحاضة؛ فعن عن فاطمة بنت أبى حبيش أنها كانت تُسْتَحَاض فقال لها النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا كان دم الحيضة فإنه دم أسودُ يُعْرَف - أي تعرفه النساء - فإذا كان ذلك فأمسِكِي عن الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي؛ فإنما هو عرق))؛ أخرجه أبو داود والنسائي، والحديث فيه دلالة على اعتبار التمييز بصفة الدم في الحيض.

قال الشيخ العثيمين: "فهذه الكدْرة التي سبقت الحيض لا يظهر لي أنَّها حيض، لاسيَّما إذا كانت أتت قبل العادة، ولم يكن علامات للحيض من المغص ووجع الظهر ونحو ذلك، فالأولى لها أن تُعيد الصلاة التي تركتْها في هذه المدة". اهـ.

أما إن اتصلت الكدْرة والصفرة بالحيض، وصاحَبَها ألم الدَّورة المعتاد، فهي من جملة الحيض.

وعليه؛ فالذي يظهر من كلام السائلة إن الصفرة والكدرة التي تسبق الدورة ليست من الحيض؛ لأنها تختلف عن عادتها المعروفة عندها، فلها حكم الطَّاهرات، فتصلي وتصوم ويجامعها زوجها،، والله أعلم.