أخوه مدمن ويريد أخذ نصيبه من تركة والده وإذا أخذه سيضيعه

الإسلام سؤال وجواب

  • التصنيفات: فتاوى وأحكام -
السؤال:

أخي مدمن، ولا يستطيع التمييز بين الصواب والخطأ، ويقوم بصرف أية مبالغ مالية مهما كانت قيمتها علي الحبوب المخدرة، وهو يبلغ من العمر24 عاما، وقد توفي أبي، وترك لنا أرضا زراعية، ويريد أن يبيع نصيبه في الأرض، وأنا أقف ضده من أجل مصلحته، ولكن ذلك يسبب مشاكل كبيرة جدا لي وأمي وأختي، ويرفض أن يعمل، ويريدنا أن نصرف عليه، رغم أن معه صنعة جيدة، وهو يرفض فكرة العلاج، وقد اقسم لي على أنه لن يصلي بعد الإلحاح عليه في هذا الموضوع، ويرى أنه أفضل منا بكثير، وأننا جميعا ضده، رغم أني أعامله بمنتهي الحب، وأملك كثيرا من وسائل الإقناع، لكن هذا لا يجدي معه، وقد تعبت كثيرا من كل هذا، فماذا أفعل ؟ هل أعطيه نصيبه الذي أثق أنه سوف يبذره في يوم واحد؟ أم ماذا أفعل معه، علما بأنه لا يستجيب لأي إنسان مهما كان ؟

الإجابة:

ينبغي أن تستمر في نصح أخيك ودعوته إلى الصلاة وترك المخدرات، فلعل الله أن يهديه ويصرف عنه السوء.

واعلم أن أخاك هذا سفيه يحجر عليه لمصلحة نفسه.

قال في "جواهر الإكليل" (1/ 161): "السفيه: البالغ العاقل الذي لا يحسن التصرف في المال ؛ فهو خلاف الرشيد" انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " السفيه: وهو الذي لا يحسن التصرف في المال، فهو بالغ عاقل لكن لا يحسن التصرف في المال، فيذهب يشتري به ما لا نفع فيه ولا فائدة" انتهى من "الشرح الممتع" (9/ 291).

وقال الشيخ محمد المختار الشنقيطي حفظه الله: " السفيه يكون خفيف العقل بالتصرف في ماله، من جهة الأخذ، ومن جهة الإعطاء.

ويحكم بكون الإنسان سفيهاً من جهتين:

-إما من جهة المال نفسه، إذا باع واشترى، وإما من جهة الاستمتاع بالمال، فهناك جانبان يحكم بهما على كون الإنسان سفيهاً.

وقالوا: يكون سفيهاً إذا باع بأقل من الثمن الذي يباع به الشيء، أو إذا اشترى بأكثر من الثمن الذي يباع به الشيء.

وهذا النوع من السفهاء يعرفه العلماء بقولهم: هو الذي لا يحسن الأخذ لنفسه ولا الإعطاء لغيره...

-وكذلك النوع الثاني من السفه الذي يبذر لشهوة نفسه، كرجل يدمن السفر، ويكثر في هذه الأسفار من إنفاق المال في متع مباحة، أما إذا كانت محرمة فبالإجماع أنه سفيه ولا إشكال" انتهى من "شرح زاد المستقنع".

فالذي ينفق ماله في المحرمات يجب الحجر عليه، ومنعه من التصرف في ماله .

قال ابن قدامة رحمه الله :

"الفاسق إن كان ينفق ماله في المعاصي كشراء الخمر وآلات اللهو، أو يتوصل به إلى الفساد، فهو غير رشيد لتبذيره لماله ، وتضييعه إياه في غير فائدة" انتهى من "المغني" (6/608) .

بل قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله " .. أو صرفه في مباح، قدرا زائدا على المصلحة" . قال المرداوي : "وهو الصواب" انتهى من الإنصاف .

ولكن الحجر على السفيه لا يكون إلا بحكم القاضي، عند جمهور العلماء .

وفي "الموسوعة الفقهية" (17/ 96 - 97): " ذهب جمهور الفقهاء القائلين بالحجر على السفيه إلى أن الحجر عليه لا بد له من حكم حاكم، كما أن فك الحجر عنه لا بد له من حكم حاكم أيضا، لأن الحجر إذا كان بحكم الحاكم، لا يزول إلا به، ولأن الرشد يحتاج إلى تأمل واجتهاد في معرفته، وزوال تبذيره، فكان كابتداء الحجر عليه " انتهى.

 

فإذا كان الحجر عليه سيؤدي إلى مفسدة أكبر- وهذا هو الغالب- أو لن تستطيع أن تفعل ذلك.

فالسبيل هو إقناعه- ولو بتوسيط بعض أهل الخير، أو كبار العائلة أو من يقبل نصحهم- أن يحتفظ بماله، أو أن يكتفي بتأجير نصيبه، أو بإدخاله في مشروع يدر عليه عائدا ، مع إعلامه أنه إن أتلف ماله فلن تنفق عليه.

فهذا هو الذي تستطيع فعله – للأسف- في ظل غياب الحكم الشرعي في بلادكم ، فإن لم ينفع معه كل هذا ، وأصر على أخذ ماله، فأعطه إياه، ولا إثم عليك في ذلك.

ونسأل الله أن يهديه ويصلح حاله.

والله أعلم.