الطلاق المعلق

خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال:

رجل شرطت عليه زوجته إن ذهبت إلي بيت خالك فانا طلاق

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فإن قصد بهذا التعليق ما يقصده الحالف من المنع من الذهاب لخالها، فهذه من أيمان المسلمين عند الصحابة وجمهور العلماء، وهي يمن منعقدةٌ، ويجب عليه كفارة يمين عند الحنث، ولا يقع الطلاق؛ لأن كل من لم يقصد الطلاق لم يلزمه طلاق، سواء كانت اليمين منعقدة أو كانت غموسًا أو كانت لغوا، وإنما يلزم الطلاق من قصد الطلاق عند الحنث، وهذا ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال في "مجموع الفتاوى" (33/ 129):

فإن التعليق " نوعان " نوع يقصد به وقوع الجزاء إذا وقع الشرط: فهذا تعليق لازم، فإذا علق النذر أو الطلاق أو العتاق على هذا الوجه لزمه؛ فإذا قال لامرأته: إذا تطهرت من الحيض فأنت طالق، أو إذا تبين حملك فأنت طالق= وقع بها الطلاق عند الصفة، وكذلك إذا علقه بالهلال، وكذلك لو نهاها عن أمر، وقال: إن فعلته فأنت طالق: وهو إذا فعلته يريد أن يطلقها فإنه يقع به الطلاق ونحو هذا، بخلاف مثل أن ينهاها عن فاحشة أو خيانة أو ظلم فيقول: إن فعلتيه أنت طالق، فهو وإن كان يكره طلاقها؛ لكن إذا فعلت ذلك المنكر كان طلاقها أحب إليه من أن يقيم معها على هذا الوجه= فهذا يقع به الطلاق؛ فقد ثبت عن الصحابة أنهم أوقعوا الطلاق المعلق بالشرط إذا كان قصده وقوعه عند الشرط، كما ألزموه بالنذر.

بخلاف من كان قصده اليمين، والذي قصده اليمين هو مثل الذي يكره الشرط ويكره الجزاء وإن وقع الشرط؛ مثل أن يقول: إن سافرتُ معكم فنسائي طوالق، وعبيدي أحرار، ومالي صدقة، وعلي عشر حجج، وأنا بريء من دين الإسلام، ونحو ذلك؛ فهذا مما يعرف قطعًا أنه لا يريد أن تلزمه هذه الأمور وإن وجد الشرط= فهذا هو الحالف، فيجب الفرق في جميع التعليقات، ومن قصده وقوع الجزاء، ومن قصده اليمين".

 إذا تحرر هذا فإن كان زوجك يقصد بيمين تعليق الطلاق منعك من الفعل المذكور، وهو يكره الشرط ويكره الجزاء، فيكره وقوع الطلاق ويكره الفعل، فهذا يمين تجب فيه الكفارة عند الحنث.

وعليه فإن كان هذا الرجل قصد بيمينه منع زوجته من الذهاب لخالها، فهو يمين وليس طلاقًا، وإن قصد به الطلاق يقع الطلاق بإجماع العلماء عند الحنث والذهاب لخالها،، والله أعلم.