ما هي كفارة يمين الطلاق المعلق
خالد عبد المنعم الرفاعي
حلفت وقت الغضب والعصبية على زوجتى بعد الذهاب الى اهلها وفى نفسي حددت المدة لمدة شهر ولا ترا احد من اهلها وولدتها مريضة ضغط وسكر واعصابوزوجتى هى التى تقوم برعيتها هى واخواتها البنات وكنت حالف للتهديد والتخويف فهل يمكن الرجوع فى الحلفان والكفارة له ولا الطلاق يقع اذا ذهبت الى بيت اهلها وهل لو رات اخواتها فى مكان عام يقع الطلاق ايضا افيدوني بالله عليكم ضرورى ؟؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإن كان الحال كما ذكرت إنك قصدت تهديد زوجتك بيمين الطلاق، ولم ترغب في طلاقها، بل تكره وقوع اللازم وهو الطلاق وإن وجد الشرط الملزوم وهو الذهاب لأمها-: فأنت حالف بالطلاق لا يقع بالحنث، وإنما يجب عليك كفارة يمين؛ لأن الحالف لا يكون حالفًا إلا إذا كره وقوع الجزاء عند الشرط، الحلف بالطلاق يَمين في لغة العرب، وهي صيغة قسم في عرف الفقهاء، حيث لم يتنازَعُوا في أنَّها تسمَّى يمينًا؛ لأن الزوج يحلف به على حضٍّ لنفسه أو لغيره، أو منعٍ لنفسِه أو لغيره، أو على تصديق خبرٍ أو تكذيبه، ولا يوجد دليل صحيح سالم من المعارضة يدل على وقوع الطلاق عند الحنث، إلا إن قصد الزوج باليمين أيقاع الطلاق فإنه يقع.
إذا تقرر أن الطلاق المعلَّق يمينٌ باتِّفاق الفقهاء أهل اللغة، فيكون حكمُها في وجوب الكفَّارة بالحنث حكمَ باقي الأيمان التي قال الله تعالى فيها: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [التحريم: 2]، وقال – سبحانه -: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} [المائدة: 89]، وقال - عزَّ مِن قائل -: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [التحريم:2]، وفي عموم قولِه - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن حلف على يمينٍ، فرأى غيرَها خيرًا منها، فلْيأتِ الذي هو خير، وليكفِّر عنْ يمينه))؛ رواه مسلم.
أيضًا: فقد ورد عن طائفة من الصَّحابة والتابعين والأئمة: أنَّ مَن حلف بالعَتاق لا يلزمه الوفاء، وأنه مخيَّر بين الوفاء أو يكفِّر كفَّارة يمين، ومنهم: عمر، وابن عمر، وابن عباس، وأبو هريرة، وعائشة، وأم سلمة، وحفصة، وزينب بنت أبي سلمة، والحسَن البصري، وحبيب بن الشهيد، وأبو ثور، وعطاء، وأبو الشعثاء، وعكرمة، وهو مذهب الشافعي وأحمد، ورواية عن أبي حنيفة اختارها محمد بن الحسن، وطائفة من أصحاب مالك؛ كابن وهب، وابن أبي الغمر، وأفتى ابنُ القاسم ابنَه بذلك، ونسبه إلى الليث.
ولا فرْق بين الطلاق المعلَّق المراد به الإلزام أو المنع، والحلِف بالعتاق؛ لأن في كلاهما قصده الحلف ويكره وقوع الجزاء عند الشرط.
أيضًا: فقد اتِّفق الفقهاء على أنَّ مَن حلف بالكُفْر لا يلزمه الكفر إن حنث في يمينه؛ لأنه لا يقصد معنى اللفظ، وإنما يريد ما معنى اليمين من المنع أو الحض، أو التوكيد، مع بُغْضِه للمعنى، فكذلك الحال فيمن حلف بطلاق امرأته، وهو يكره فراقَها، ويكره وقوع الجزاء عند الشرط؛ فكلاهما يكره وقوع الجزاء وإن وجدت الصفة، كقول المسلم: إن فعلت كذا فأنا يهودي أو نصراني: فهو يكره الكفر وإن وجدت الصفة؛ إنما التزامه لئلا يلزم، وليمتنع به من الشرط، لا لقصد وجوده عند الصفة، وهو نفس مراد من علق طلاق امرأته على شيء، فمقصوده عدم الشرط ويكره الجزاء ويبغضه، وهذا معنى الحالف، فإنه يكره وقوع اللازم وإن وجد الشرط الملزوم، ومقصوده عدم الشرط والجزاء؛ وإنما تعلق الجزاء بالشرط ليمتنع وجودهما فهو مثل نذر اللجاج والغضب.
وعليه، فيجوز لزوجتك أن تذهب لأمها، ويجب عليك كفارة يمين،، والله أعلم.