حكم إقامة بنات الزوجة عند زوج الأم
خالد عبد المنعم الرفاعي
تزوجت امرأة مطلقة منذ ١١عام ومعها بنتين من زوجها السابق وكانا يقيمان معها وانا مسافر خارج مصر، ومنذ عدت منذ ٦سنوات وانا اطلب منها إيداعهما عند جدتهما وجدهما لأمهما أو والدهما وهي ترفض، علماً بأن عمرهما ١٧،٢١سنة، وحتى الآن تصر على رأيها، ووصل الأمر إلى أنني ألقيت عليها يمين الطلاق منذ أيام بسبب رفضها، برجاء افادتي.
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإن كان الحال كما ذكرت فالواجب على زوجتك أن تطيع أمرك في ذهاب بنتيها عند جدتهما؛ لأن طاعة الزوجة لزوجها في المعروف من أوجب واجبات الشرع، ما لم تكن في معصية الله تعالى، وهي مقدَّمة على طاعة كل أحد، حتى الوالدين، ولا يجوز للزوجة عصيان أمره، وكل هذا من ضروريات قوامة الرجل وكونه رئيس البيت، فكما يجب عليه الإنفاق على الزوجة ورعايتها، وأداء حقها وإحسان عشرتها، والسعي في مصالحها الدينية والدنيوية، فكذلك يجب عليها طاعته فيما يأمر؛ قال الله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [البقرة: 228]، والمراد بالدرجة حق الرجل في القوامة، ولا قوامة بدون طاعة الزوجة لزوجها، وقال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34].
وصحّ عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، ولا تؤدى المرأة حق الله عز وجل عليها كله حتى تؤدى حق زوجها عليها كله، حتى لو سألها نفسها وهى على ظهر قتب لأعطتها إياه"؛ رواه أحمد وابن ماجه، وفي رواية المسند من حديث عبدالله بن أبي أوفى: ((والذي نفسُ محمدٍ بيده، لا تؤدي المرأةُ حقَّ ربِّها حتى تؤدِّيَ حقَّ زوجِهَا كلِّه، حتى لو سألها نفسَها وهي على قَتَب لم تمنعْهُ)) الحديثَ.
إذا تقرر هذا فيجب على زوجتك طاعة أمرك وارسال البنتين للإقامة عند جدتهما، لا سيما وقد تجاوزا سن الحضانة التي تسقط عنها أصلاً بزواجها، ومن تأمل توجيه السنة المشرفة القاضية بانتقال الحضانة من الأم إلى أم الأم، وهو مذهب جمهور العُلماء من المذاهب الأربعة وغيرهم: علم أن من حِكَم ذلك مراعاة حق الزوج الجديد.
فإن أصرت زوجنك على موقفها فلابد من تدخل بعض العقلاء لرأب الصدع بينكما، وليبينوا لها ما يجب عليها من الطاعة؛ لأن الحرص على الحياة الزوجيةِ غرَضٌ شرعيٌّ أصيلٌ، ومِن ثَم أمر الله كلاًّ مِن الزوجين بالمعامَلة بالمعروف، والرِّفق ببعضهما البعض، والإحسان كلٌّ إلى الآخر، والتجاوُز عن الهفوات، والمعامَلة بالرفق واللين، مع ما أوجده الله من الرحمة والمودة بين الزوجين وأودعه في قلبيهما من العطف الذي يدفع كل واحد إلى التعلق بالآخر،، والله أعلم.