حكم إتيان الزوجة إن حملت من غير زوجها
خالد عبد المنعم الرفاعي
ما حكم الزوج إذا ظهر بزوجته حمل هو يرى أنه بريء منه هل يجوز له أن يجامعها وما حكم الولد هل يلحق به أم لا
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإن من القوا عد المقررة في الشريعة أن ثبوت النسب الولد إنما يكون من آثار عقد النكاح، والزوجية الصحيحة، واتفق الفقهاء على ثبوت نسب الولد الذي تأتي به المرأة المتزوجة زواجًا صحيحًا، فالشارع الحكيم شدد في أمر الأنساب والأعراض، ومن ثمّ قضى بلحوق نسب الولد بمجرد ولادته على فراش أبيه؛ فقال صلى الله عليه وسلم: ((الولد للفراش، وللعاهر الحجر))؛ متفق عليه، وهو دليل على أن كل من تلده الزوجة حال قيام الزوجية ينسب لزوجها.
غير أنه يشرع للأب نفي نسب الابن عن طريق الملاعنة، إن كان متيقنًا من زنا زوجته؛ قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ* وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [النور: 6، 7].
وسبب نزول الآيات ما رواه البخاري ومسلم عن سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه - أن عويمرًا العجلاني قال: يا رسول الله أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أنزل فيك وفي صاحبتك فاذهب فأت بها، قال سهل فتلاعنَا وأنا مع الناس"، قال ابن شهاب: فكانت السنة بعدهما أن يفرق بين المتلاعنين، وكانت حاملاً وكان ابنها يدعى لأمه، قال ثم جرت السنة في ميراثها أنها ترثه ويرث منها ما فرض الله له.
جاء في "الكافي" لابن قدامة: "وإن ولدت زوجته لدون ستة أشهر من حين تزوجها، لم يلحقه ولدها؛ لأنها علقت به قبل النكاح". اهـ.
وقال في "المغني": "وإذا ولدت امرأته ولدًا فسكت عن نفيه مع إمكانه، لزمه نسبه، ولم يكن له نفيه بعد ذلك". اهـ.
وحينئذ لا يجوز وطئ الزوجة ما دام متيقنًا أنها حامل من غيره؛ لعموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "لا توطأ حامل حتى تضع"؛ رواه أحمد وأبو داود والترمذي عن أبي سعيد الخدري.
وروى أحمد و أبو داود عن رويفع بن ثابت الأنصاري، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يوم حنين، قال: "لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره"، يعني: إتيان الحبالى.
جاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (32/ 226): "إذا أتت امرأة بولد لزم زوجها نسبه بالفراش، فإذا أراد نفيه باللعان بعد ذلك فقد اشترط المالكية والشافعية في الجديد على الأظهر والحنابلة لصحة النفي أن يكون فور العلم بالولادة مع إمكانه، فلو أخّره زمنًا لغير عذر لم ينتف عنه بحال بعد ذلك.
وذهب الحنفية والشافعية في أحد القولين في القديم إلى جواز تأخير النفي مدة قدرها أبو حنيفة بمدة التهنئة، وهي ثلاثة أيام، وهو قول الشافعية في القديم، وفي قول لأبي حنيفة أنها سبعة أيام.
وقدرها الصاحبان بمدة النفاس.
والقول الثاني في القديم عند الشافعية أن له النفي متى شاء ولا يسقط بإسقاطه". اهـ.
إذا تقرر هذا، فإذا كنت متيقنًا أن الحمل ليس منك، وجب عليك نفي الولد لئلا يلحق بك، وذلك حق شرعي للزوج.
أما إن كان الأمر مجرد شكوك وظنون فاسدة غير قائمة على برهان، فلا يجوز نفي الولد، بل يحرم،، والله أعلم.