هل ورد حديث في فضل النوبة
خالد عبد المنعم الرفاعي
خير سبيكم النوبة من لم يكن له أخ فليتخذ أخًا من النوبة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومن والاه، أمَّا بعدُ:
فالحديث المذكور لم نعثر عليه في شيء من كتب السنة، ولم يروها أحد من أهل العلم، ولا ورد معناه في شيء من دواوين الحديث المعروفة لا كبارها ولا صغارها، ولم نجد من رواه من أهل العلم بإسناد لا صحيح ولا ضعيف، ولا بإسناد مجهول ولا حتى موضوع، وهذه أمارة الحديث الذي لا أصل له، فالذي يظهر أنه مُفترى على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية في مواضع كثيرة من كتبه ضوابط الحديث الموضوع فقال في "مجموع الفتاوى" (1/ 248): "..... وليس في الأحاديث المرفوعة في ذلك حديث في شيء من دواوين المسلمين التي يعتمد عليها في الأحاديث، لا في الصحيحين، ولا كتب السنن ولا المسانيد المعتمدة كمسند الإمام أحمد وغيره، وإنما يوجد في الكتب التي عرف أن فيها كثيرًا من الأحاديث الموضوعة المكذوبة التي يختلقها الكذابون، بخلاف من قد يغلط في الحديث ولا يتعمد الكذب".
إذا تقرر هذا، فلا يجوز نسبة الكلام المذكور لرسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا على سبيل التحذير منه، وتبين حاله؛ ففي الصحيح عن سمرة بن جندب قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من حدَّث عني بحديث يُرى أنه كذب، فهو أحد الكاذبين)).
قال الحافظ ابن حجر في كتابه "النكت على كتاب ابن الصلاح" (2/ 839): "وكفى بهذه الجملة وعيدًا شديدًا في حق من روى الحديث، فيظن أنه كذب فضلاً عن أن يتحقق ذلك ولا يبينه؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - جعل المحدث بذلك مشاركًا لكاذبه في وضعه، وقال مسلم في مقدمة صحيحه: "اعلم أن الواجب على كل أحد عرف التمييز بين صحيح الروايات وسقيمها، وثقات الناقلين لها من المتهمين: أن لا يروي إلا ما عرف صحة مخارجه والستارة في ناقليه، وأن يتقي منها ما كان عن أهل التهم والمعاندين من أهل البدع". اهـ.
وقال السيوطي في كتابه "تحذير الخواص من أكاذيب القُصَّاص" (73 – 74): "أطبق على ذلك علماء الحديث فجزموا بأنه لا تَحِلُّ رواية الموضوع في أي معنىً كان؛ إلا مقروناً ببيان وضعه". اهـ.
هذا؛ والله أعلم.