الصلاه بدون وضوء

خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كنت انام وانا على وضوء ولما استيقظ اذهب للصلاه مباشره وكنت جاهل وقتها بأن النوم ينقض الوضوء فماذا علي في حكم الصلوات التي صليتها على هذه الحاله مع العلم بأني لا أعرف كم صليت وكنت انام نوم يذهب العقل مستلقيا وعندما استيقظ اذهب لصلاه الفجر ولا اعلم كم المده التي قضيتها على هذه الحاله بالضبط فماذا علي؟

الإجابة:

 

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فالوضوء شرط في صحة الصلاة بإجماع العلماء، ومن صلى بغير وضوء عالمًا بالحكم فصلاته باطلة، وكذلك إن صلى ناسيًا.

جاء في "المغني"(1/ 128) لابن قدامة - في معرض كلامه عن انتقاض الوضوء بزوال العقل -: "النوم، وهو ناقض للوضوء في الجملة، في قول عامة أهل العلم". اهـ.

أما من جهل أن النوم الثقيل ينقض الوضوء، فلا تجب عليه الإعادة، وهذه قاعدة مضطردة في الشرع، أن كل من جهل شيئا من فروع الشريعة فلا يجب عليه القضاء؛ لأن الحكم الشرعي لا يثبت في حق المكلفين إلا بعد البلاغ؛ { لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَ} [الأنعام: 19]، وقال - تعالى -: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا} [البقرة:  286]، وفي صحيح مسلم أنَّ الله أجاب هذا الدعاء، قال سبحانه: ((قد فعلت)).

قال تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: 5].

ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((رُفع عن أمتي الخطأُ والنسيانُ وما استكرهوا عليه))؛ رواه ابن ماجه وابن حبان وغيرهما.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (2 / 48) - في معرض تقريره لتلك القاعدة -: "... والصحيح في جميع هذه المسائل، عدم وجوب الإعادة؛ لأن الله عفا عن الخطإ والنسيان، ولأنه قال: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15]، فمن لم يبلغه أمر الرسول في شيء معين، لم يَثْبُت حكم وجوبه عليه، ولهذا؛ لم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عمر وعمارًا - لمَّا أجنبا - فلم يصل عمر وصلى عمار بالتمرغ - أن يعيد واحد منهما، وكذلك لم يأمر أبا ذر بالإعادة، لمَّا كان يُجنِب ويمكث أيامًا لا يصلي، وكذلك لم يأمر من أكل من الصحابة - حتى يتبين له الحبل الأبيض من الحبل الأسود – بالقضاء، كما لم يأمر من صلى إلى بيت المقدس - قبل بلوغ النسخ لهم – بالقضاء.

 ومن هذا الباب، المستحاضة إذا مكثت مدة لا تصلي؛ لاعتقادها عدم وجوب الصلاة عليها، ففي وجوب القضاء عليها قولان:

 أحدهما: لا إعادة عليها؛ كما نقل عن مالك وغيره؛ لأن المستحاضة التي قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم: إني حِضت حيضة شديدة كبيرة منكرة منعتني الصلاة والصيام، أمرها بما يجب في المستقبل، ولم يأمرها بقضاء صلاة الماضي.

 وقد ثبت عندي بالنقل المتواتر: أن في النساء والرجال بالبوادي، وغير البوادي، مَن يَبلغ ولا يعلم أن الصلاة عليه واجبة، بل إذا قيل للمرأة: صلي، تقول: حتى أكبر وأصير عجوزة، ظانَّة أنه لا يُخاطَب بالصلاة إلا المرأة الكبيرة، كالعجوز ونحوها، وفي أتباع الشيوخ، طوائف كثيرون لا يعلمون أن الصلاة واجبة عليهم، فهؤلاء لا يجب عليهم في الصحيح قضاء الصلوات، سواء قيل: كانوا كفارًا، أو كانوا معذورين بالجهل". اهـ.

إذا تقرر هذا، فلا يجب عليك إعادة الصلوات التي صليتها بغير وضوء ما دمت جاهلاً بأن النوم الثقيل ينقض الوضوء،، والله أعلم.