لماذا يصوم المسلمون؟
الإسلام سؤال وجواب
يصوم المسلمون شهر رمضان لأن الله تعالى أمرهم بذلك، فهم يتعبدون لله تعالى بهذه العبادة المحبوبة إلى الله تعالى، والتي أمرهم بها. وينظر تفصيل ذلك في الجواب المطول.
- التصنيفات: ملفات شهر رمضان -
أعيش في بريطانيا وكثيراً ما يسألني غير المسلمين لماذا يصوم المسلمون؟ فماذا أقول لهم؟
- لماذا يصوم المسلمون؟
- من حكمة الله تنوع العبادات لاختبار المكلّف
- الحكمة من مشروعية الصيام
الحمد لله.
أولاً:
لماذا يصوم المسلمون؟
نصوم – نحن المسلمين- شهر رمضان؛ لأن الله تعالى أمرنا بذلك، بقوله سبحانه تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة/183].
فنحن نتعبد لله تعالى بهذه العبادة المحبوبة إلى الله تعالى، والتي أمرنا بها.
والمؤمن يبادر إلى امتثال أمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم عملاً بقوله تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [النور/51].
وقوله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً} [الأحزاب /36].
ثانياً:
من حكمة الله تنوع العبادات لاختبار المكلّف
"من حكمة الله عز وجل، أن الله نوع العبادات في التكليف؛ ليختبر المكلف كيف يكون امتثاله لهذه الأنواع، فهل يمتثل ويقبل ما يوافق طبعه، أو يمتثل ما به رضا الله عز وجل؟ فإذا تأملنا العبادات الخمس: الشهادة والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج وجدنا أن بعضها بدني محض، وبعضها مالي محض، وبعضها مركب، حتى يتبين الشحيح من الجواد، فربما يهون على بعض الناس أن يصلي ألف ركعة، ولا يبذل درهما، وربما يهون على بعض الناس أن يبذل ألف درهم ولا يصلي ركعة واحدة.
فجاءت الشريعة بالتقسيم والتنويع حتى يعرف من يمتثل تعبدا لله، ومن يمتثل تبعا لهواه.
فالصلاة مثلا عبادة بدنية محضة وما يجب لها مما يحتاج إلى المال كماء الوضوء الذي يشتريه الإنسان، والثياب لستر العورة تابع، وليس داخلا في صلب العبادة.
والزكاة: مالية محضة، وما تحتاج إليه من عمل بدني كإحصاء المال وحسابه، ونقل الزكاة إلى الفقير والمستحق فهو تابع، وليس داخلا في صلب العبادة.
والحج: مركب من مال وبدن إلا في أهل مكة فقد لا يحتاجون إلى المال، لكن هذا شيء نادر، أو قليل بالنسبة لغير أهل مكة.
والجهاد في سبيل الله: مركب من مال وبدن، ربما يستحق المال وربما يستحق البدن.
والتكليف أيضا ينقسم إلى: كف عن المحبوبات، وإلى بذل للمحبوبات، وهذا نوع من التكليف أيضا.
كف عن المحبوبات مثل: الصوم، وبذل للمحبوبات كالزكاة؛ لأن المال محبوب إلى النفس، فلا يبذل المال المحبوب إلى النفس إلا لشيء أحب منه.
وكذلك الكف عن المحبوبات، وربما يهون على المرء أن ينفق ألف درهم، ولا يصوم يوما واحدا أو بالعكس" اهـ قاله الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/190).
ثالثاً:
الحكمة من مشروعية الصيام
وسئل الشيخ ابن عثيمين عن الحكمة من إيجاب الصوم؟
فأجاب:
إذا قرأنا قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة /183]، عرفنا ما هي الحكمة من إيجاب الصوم، وهي التقوى والتعبد لله سبحانه وتعالى، والتقوى هي ترك المحارم وهو عند الإطلاق تشمل فعل المأمور به وترك المحظور، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: {مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ} (رواه البخاري (6057).
وعلى هذا يتأكد على الصائم القيام بالواجبات وكذلك اجتناب المحرمات من الأقوال والأفعال، فلا يغتاب الناس ولا يكذب، ولا ينم بينهم، ولا يبيع بيعا محرما، ويجتنب جميع المحرمات، وإذا فعل الإنسان ذلك في شهر كامل فإن نفسه سوف تستقيم بقية العام. ولكن المؤسف أن كثيرا من الصائمين لا يفرقون بين يوم صومهم ويوم فطرهم فهم على العادة التي هم عليها من ترك الواجبات وفعل المحرمات، ولا تشعر أن عليه وقار الصوم، وهذه الأفعال لا تبطل الصوم، ولكن تنقص من أجره، وربما عند المعادلة ترجح على أجر الصوم فيضيع ثوابه اهـ.
"فتاوى أركان الإسلام" (ص 451).
والله أعلم.